.................................................................................................
______________________________________________________
وإنّما استند القائل بذلك إلى مقتضى القواعد الأوّليّة بزعم صدق الدرهم والدينار على المغشوش الذي عرفت منعه في الفرض.
نعم ، دلّت على ذلك رواية زيد الصائغ (١) ، حيث تضمّنت وجوب الزكاة في الدرهم الذي ثلثه فضّة وثلثاه مسّ (٢) ورصاص ، إلّا أنّه لا يمكن رفع اليد بها عن الروايات النافية للزكاة عن غير الدرهم والدينار ، فإنّه وإن أمكن الجمع بارتكاب التقييد في تلك النصوص والالتزام بثبوت الزكاة أيضاً في النقود التي يكون جزءٌ من مادّتها ذهباً أو فضّةً فيما لو بلغ حدّ النصاب ، إلّا أنّ هذه الرواية في نفسها ضعيفة السند ، لأنّ محمّد بن عبد الله بن هلال فيه كلام ، وزيد الصائغ مجهول.
ودعوى الانجبار بعمل الأصحاب ممنوعةٌ كبرى على ما حقّقناه في الأُصول (٣) ، وصغرىً أيضاً ، إذ لم يُعلَم استناد الأصحاب الأقدمين إليها الذين هم المناط في الاستناد ، وإن ذُكِرت في كتب المتأخّرين ، إذ لعلّهم جروا على مقتضى القواعد الأوّليّة بزعم ثبوت الزكاة في مطلق المسكوك المشتمل جزء من مادّته على الذهب والفضّة ، كما أنّ جماعة كثيرة ممّن تأخّر عن الشيخ كانوا يتبعون الشيخ فيما يقول ولم يتجرؤوا على مخالفته حتى سُمّوا بالمقلّدة.
وعلى الجملة : المدار في حجّيّة الخبر على أحد أمرين : إمّا وثاقة الراوي ، أو الوثوق بصدور الرواية لأجل الاحتفاف بقرائن تورث الاطمئنان بصدورها ، وشيءٌ منهما لم يثبت في المقام.
والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : أنّ الدراهم والدنانير المغشوشة إن صدق
__________________
(١) الوسائل ٩ : ١٥٣ / أبواب زكاة الذهب والفضّة ب ٧ ح ١.
(٢) المِسّ : النحاس لسان العرب ٦ : ٢١٩ (مسس).
(٣) مصباح الأُصول ٢ : ٢٠١ ٢٠٢.