.................................................................................................
______________________________________________________
وكيفما كان ، فلا إشكال فيما لو كان الغشّ قليلاً جدّاً بحيث كان أحدهما مندكّاً ومستهلكاً في الآخر ، كما لو كان عنده عشرون ديناراً وكان الجزء الواحد من خمسين جزء من كلّ دينار فضّة ، أو بالعكس فيما لو كان عنده مائتا درهم ، فإنّ الحكم حينئذٍ تابعٌ للعنوان المستهلك فيه ، وهذا ظاهر.
وأمّا لو كان الغشّ كثيراً فامتزج أحدهما بالآخر على نحوٍ لا يصدق على المركّب منهما شيء من العنوانين ، لعدم حصول الاستهلاك ، كما لو كان نصفه ذهباً ونصفه فضّة بنحوٍ لا يطلق عليه فعلاً اسم الذهب ولا الفضّة ، فالظاهر وجوب الزكاة أيضاً مع بلوغ النصاب ، فإنّ الأدلّة وإن لم تشمله بمدلولها اللفظي لعدم كون المورد لا من الذهب ولا من الفضّة حسب الفرض ، ولا زكاة إلّا فيما صدق عليه أحد العنوانين إلّا أنّ المستفاد منها بمعونة الفهم العرفي شمول الحكم لذلك ، فإنّهم لا يشكّون في أنّه لو تألّف مركّبٌ من عدّة أجزاء مشاركة في الحكم فذاك الحكم يثبت للمركّب أيضاً وإن لم يكن في حدّ نفسه مندرجاً في شيءٍ من عناوين أجزائه.
فلو صنعنا معجوناً مؤلّفاً من الطحال والدم المتخلّف في الذبيحة ودم ميتة السمك وسائر ما في الذبيحة من الأجزاء الطاهرة المحرّم أكلها كالقضيب والأُنثيين والفرث والنخاع والمرارة ونحو ذلك ، فإنّه لا يرتاب العرف في استفادة تحريم المركّب من أدلّة تحريم الأجزاء وإن لم يستهلك بعضها في بعض ولم يكن المركّب معنوناً بشيءٍ منها.
نعم ، لا ريب في زوال الحرمة في فرض الاستهلاك في الحلال ، كما لو استهلك التراب في الدقيق ، فإنّه يجوز أكل الخبز منه وإن اشتمل كلّ رغيف على كمّيّة من التراب كمثقال مثلاً بحيث يحرم أكله لو كان مستقلا.
وأمّا في فرض عدم الاستهلاك فالمركّب لا يعدو أجزاءه في أحكامها المماثلة ،