.................................................................................................
______________________________________________________
إذ فيه : أنّ الفرار عن الزكاة بالاحتيال الشرعي غير عزيز ولا محذور فيه كما في تسبيك النقدين ، على أنّ تلك الحيل مهما كثرت لا تكاد تقوى على إفناء التمر كي تنعدم حصّة الفقير كما لا يخفى.
مع أنّ الاحتيال المزبور قلّما يتحقّق خارجاً ، لاستلزامه تضييع المال وإتلافه وتنقيص القيمة ، فيتضرّر المالك أكثر من المقدار الواجب في الزكاة ، لأنّه لو تحفّظ عليه إلى أن يصير تمراً أو زبيباً ثمّ أدّى زكاته كان نفعه أعظم من الاحتيال المزبور الموجب لتنقيص المال بطبيعة الحال ، فيشبه الفرار من المطر إلى الميزاب كما لا يخفى.
كما أنّ التسبيك في النقدين أيضاً يستلزم نوعاً من الإتلاف والتنقيص.
ومثله الاستدلال بصحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديثٍ قال : سألته عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها؟ «قال : إذا ما صرم وإذا خرص» (١) ، فإنّ وقت الخرص حين بدو الصلاح لا زمان التسمية ، فيكشف عن تعلّق الوجوب آن ذاك.
ولكنّه واضح الفساد ، إذ المفروض في السؤال صدق الحنطة والشعير والتمر والزبيب والبلوغ حدّا ينطبق عليه الاسم ، فلا نظر إلى ما قبل حصول التسمية. وحيث لا معنى لإناطة الوجوب بالصرم أو الخرص الذي هو فعل اختياري للمكلّف فلا محالة يكون المراد التوسعة في وقت الأداء ، وأنّه لا يلزم بالإخراج ساعةً صدق الاسم حتى لو كان ذلك جوف الليل مثلاً ، بل له التأخير إلى زمان الصرم لو أراد الإخراج من نفس العين ، أو الخرص والتخمين لو أراد الأداء من القيمة ، فلا دلالة لها بوجه على تعلّق الوجوب حالة الانعقاد والاشتداد وعند بدو الصلاح.
__________________
(١) الوسائل ٩ : ١٩٤ / أبواب زكاة الغلّات ب ١٢ ح ١.