.................................................................................................
______________________________________________________
الملكيّة المزعومة إنّما حدثت بفعل الناذر وبالجعل الثانوي ، وليس حكماً ابتدائيّاً كما في الحجّ ، فلا بدّ وأن يلتفت إليه الناذر ليفرضه على نفسه ، ولا يكاد يلتفت أحدٌ من الناذرين إلى هذا المعنى بحيث يعتبر ملكيّة التصدّق لله كما يعتبرها في مثل قوله : هذا لك بالضرورة ، فإنّه يعتبر الملكيّة في مثل الهبة ويبرزها بمبرز ، ولا يحتمل ذلك في النذر جزماً ، وإنّما هو التزامٌ وتعهّدٌ بفعلٍ لله وإيجابٌ له على نفسه لا يزيد عليه بشيء.
وثالثاً : سلّمنا أنّ التصدّق ملكٌ لله تعالى ، إلّا أنّه لا يستلزم بوجهٍ أن يكون موضوعه وهو المال متعلّقاً لحقّه تعالى ، لعدم الدليل عليه ، فإنّ التصدّق وإن كان مقيّداً بالمال إلّا أنّ التقيّد داخل والقيد خارج ، فلا المال مملوك ولا متعلّق لأحد.
نعم ، هو متعلّق للتكليف بتسليم التصدّق إلى مالكه ، من غير أن يستتبع ذلك حقّا يمنعه عن التصرّف فيه أبداً ليستوجب قصراً في الملك ، نظير ما لو آجر نفسه ليخيط ثوباً لزيد في دار خاصّة أو بإبرة أو مكينة مخصوصة ، فإنّ المستأجر وإن ملك الفعل أعني الخياطة إلّا أنّ ذلك لا يستتبع حقّا له في الدار أو الإبرة أو المكينة ، بحيث يسلب السلطنة التامّة عن مالكها بنحوٍ لا يسعه التصرّف فيها من بيعٍ أو هبةٍ ونحو ذلك ، فإنّ ذلك باطلٌ جزماً ولا قائل به قطعاً.
نعم ، يجب عليه تكليفاً حفظها مقدّمةً للوفاء بالإجارة على الكيفيّة المقرّرة ، إلّا أنّ ذلك لا يستلزم بطلان البيع وضعاً بالضرورة.
ونحوه ما لو آجر نفسه ليصلّي عن زيدٍ في مكانٍ أو لباسٍ مخصوص ، فإنّ شيئاً من ذلك لا يستوجب الحقّ في متعلّق التكليف بلا خلافٍ ولا إشكال.
ثمّ إنّ ممّا يؤكّد ما ذكرناه من أنّ المال ليس مورداً لحقّ الفقراء وهم