.................................................................................................
______________________________________________________
المالك ومنعه عن التصرّف بالضرورة ، كما هو الحال في النذر على غير الفقراء ، مثل ما لو نذر أن يهب ماله لزيد ، فكما لا يجوز لزيد أن يأخذ المال من صاحبه قهراً فكذلك الفقراء.
وعلى الجملة : لا يستتبع النذر عدا تكليفاً محضاً متوجّهاً إلى الناذر ، وليس في البين أيّ حقّ للمنذور له أبداً حتى يستوجب قصوراً في الملك ، كما لعلّه أوضح من أن يخفى.
رابعها : أنّ الفعل المتعلّق للنذر أعني التصدّق بما أنّه يجعله لله فهو ملك له تعالى ، وبما أنّ المال موضوعٌ للتصدّق المملوك فهو متعلّق لحقّه تعالى ، ولأجله كانت الملكيّة قاصرة وقاطعة للحول ، لاشتراط الزكاة بالملكيّة التامّة كما سبق (١).
وهذا أيضاً لا يتمّ بكلا جزأيه :
أمّا أوّلاً : فلأنّ النذر لا يتضمّن التمليك بوجه ، بل معنى قوله : «لله عليّ» كقوله تعالى (لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (٢) ليس إلّا إيجاب الشيء وجعله على نفسه والتزامه به لله ، كما هو مقتضى لفظ النذر لغةً ، حيث إنّه بمعنى : إيجابُ شيءٍ على النفس ، وإلّا فلا يحتمل أن يكون الحجّ مثلاً مملوكاً لله تعالى بالملكيّة الاعتباريّة الثابتة في الأموال نظير ملكيّة زيد للدار ، فليس معنى نذر الصدقة أنّ التصدّق ملكٌ لله تعالى ، بل هو واجب ومجعول من قبل الناذر نفسه لا من قبل الله تعالى ابتداءً كما في الحجّ.
وثانياً : لو سلّمنا ذلك في الحجّ ، فلا نكاد نسلّمه في النذر ، ضرورة أنّ هذه
__________________
(١) في ص ٢٩ ٣٠.
(٢) آل عمران ٣ : ٩٧.