.................................................................................................
______________________________________________________
المعاملة بوجه ، فلو باع وسلم إلى المشتري صحّ البيع وإن خالف النذر وعصى ، فهو نظير ما لو وجب الإنفاق على الزوجة ولم يكن له عدا هذا المال فباعه ، فإنّ البيع صحيح حينئذٍ بلا إشكال ، غايته أنّ هذا البيع ملازمٌ لترك واجب ، ولا ضير فيه ، لما عرفت من عدم الدليل على اعتبار القدرة الشرعيّة على التسليم ، بمعنى عدم المزاحمة لواجب آخر في صحّة البيع.
وعليه ، فلا يمكن القول بأنّ النذر يوجب سقوط الحول لقصور الملك ، إذ التكليف المحض لا يستتبع نقصاً في الملك أبداً ، لبقاء آثار الملكيّة على حالها بجميع أحكامها ، فلو مات قبل التصدّق بالمنذور ينتقل إلى وارثه ولا يجب عليه الوفاء ، لأنّ النذر أوجب الوفاء على الناذر لا على الوارث كما هو ظاهر.
فهذا الوجه الذي ربّما يظهر من الشيخ في بيع منذور التصدّق من كتاب المكاسب توجيهاً لقصور الملك من عدم جواز التصرّف المنافي للمنذور ، لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، إذ الوجوب التكليفي لا ينافي الجواز الوضعي أبداً ، والقدرة على التسليم ثابتة بمعنى وغير لازمة بالمعنى الآخر حسبما عرفت.
ثالثها : ما قد يقال أيضاً من أنّ نذر التصدّق على الفقراء يوجب حقّا لهم في المال ، كما في حقّ الرهانة ، فكما أنّ العين المرهونة موردٌ لحقّ المرتهن ، ولأجله كانت الملكيّة قاصرة كما مرّ (١) ، فكذلك الحال في منذور التصدّق ، فإنّه أيضاً موردٌ لحقّ الفقير ، الموجب لقصر الملك ، المستتبع لسقوط الزكاة.
وفيه ما لا يخفى ، لوضوح الفرق بين الموردين ، فإنّ العين المرهونة وثيقة بيد المرتهن وفي قبضته ، وليس للمالك أن يتصرّف فيها بما ينافي الرهن ، فتعلّق حقّ المرتهن أوجب خروج العين عن استيلاء المالك ، فيستلزم قصوراً في الملك بطبيعة الحال ، وأين هذا من مورد النذر؟! إذ ليس للفقراء أخذ المال قهراً من
__________________
(١) في ص ٣٩.