.................................................................................................
______________________________________________________
بل إنّ ظاهر هذه النصوص الوجوب ، ومن هنا نُسِبَ القول به إلى المفيد (١) وإن لم تثبت النسبة ، إذ قد حمل الشيخ كلامه على الاستحباب ، وهو أعرف بمراده من غيره.
وكيفما كان ، فلا ينبغي الإشكال في عدم الوجوب وإن تعاطاه ظواهر هذه الأخبار ، وذلك لجملةٍ أُخرى من الروايات دلّت على عدم وجوب الزكاة في مال التجارة ، وهي وإن كان موردها إلّا ما شذّ غير اليتيم إلّا أنّا لا نحتمل أن يكون اليتيم أشدّ حالاً من البالغ ، فإذا لم يثبت فيه بمقتضى هذه النصوص لم يثبت في اليتيم بطريقٍ أولى.
على أنّ الزكاة من مباني الإسلام ، فهو ممّا لو كان لبان وكان من الواضحات ، فكيف لم يُنسَب القول بالوجوب إلى أحدٍ ما عدا المفيد الذي عرفت حال هذه النسبة أيضاً؟! فلا ينبغي التأمّل في حمل تلك الأخبار على الاستحباب ، ولا ضير في الالتزام به وإن أنكرنا الاستحباب فيما لا يتّجر به من غلّات الصبي ، للفرق الواضح بين المالين حتى ثبوتاً فضلاً عن الفارق الإثباتي ، بلحاظ قيام الدليل وعدمه كما عرفت ، فإنّ ما يتّجر به مالٌ تعلّق باليتيم وحصل له من غير أن يعمل فيه كما لو ملكه بسبب الإرث مثلاً فلا تستحبّ فيه الزكاة ، وهذا بخلاف ما اتّجر فيه ، فإنّ الربح العائد إنّما حصل بفعل الولي ، وهو الذي تسبّب إلى تحصيله تبرّعاً ومن غير أن يكون واجباً عليه ، فلا مانع حينئذٍ من الأمر بالزكاة استحباباً وإبقاء الباقي للصبي.
وعلى الجملة : فأصل الاستحباب ممّا لا إشكال فيه من غير فرقٍ بين اليتيم والبالغ.
__________________
(١) لاحظ الحدائق الناضرة ١٢ : ٢٢.