.................................................................................................
______________________________________________________
الاستصحاب بين معلوم التأريخ ومجهوله ، نظراً إلى أنّ المعلوم وإن لم يكن مورداً للشكّ بالإضافة إلى عمود الزمان إلّا أنّه بالقياس إلى الحادث الآخر من حيث التقدّم أو التأخّر عنه فهو مشكوك فيه بالوجدان ، فإنّ الشكّ واليقين حالتان نفسيّتان لا واقع لهما وراء أُفق النفس ، فإذا فرضنا العلم بالبلوغ يوم الخميس والشكّ في حدوث التعلّق قبله أو بعده ، فللبلوغ إضافةٌ إلى الزمان وإضافةٌ أُخرى إلى التعلّق.
ولدي مراجعة أنفسنا نرى أنّا وإن كنّا على يقين من حيث الإضافة الاولى فلا بلوغ يوم الأربعاء جزماً ، كما أنّه قد بلغ يوم الخميس قطعاً ، إلّا أنّه لا يقين بلحاظ الإضافة الثانية بالضرورة ، بل نحن شاكّون في أنّ البلوغ هل هو سابقٌ على الزمان الواقعي للتعلّق الذي هو معلومٌ عند الله أو أنّه لاحق ، ومعه لا مانع من استصحاب بقاء عنوان الصغر إلى زمان التعلّق ، المنتج لعدم وجوب الزكاة ، لأنّه في وقت التعلّق مال الصغير بمقتضى الاستصحاب.
وهذا الاستصحاب جارٍ في جميع الصور الثلاث المتقدّمة أعني : العلم بالبلوغ والشكّ في التعلّق وعكسه والجهل بالتأريخين ولا يعارَض بأصالة عدم التعلّق إلى زمان البلوغ ، ضرورة أنّ الموضوع للأثر إنّما هو صدق التعلّق بعد البلوغ لا عدمه قبله ، ومن البيّن أنّ الأصل المزبور لا يتكفّل بإثباته إلّا على القول بالأصل المثبت.
وهذا بحثٌ كلّي يترتّب عليه أحكامٌ كثيرة في أبواب الطهارات والمواريث والنكاح وغيرها.
فاتّضح أنّ الحكم في جميع الصور هو عدم وجوب الزكاة ، لإحراز موضوع العدم باستصحاب بقاء المال على ملك الصغير إلى زمان التعلّق من غير معارض ، ولا تصل النوبة إلى الأصل الحكمي.