.................................................................................................
______________________________________________________
إلى دعوى جنون القاتل أو الجاني أو الشارب للخمر ليدرأ عنه الحدّ أو القصاص ما لم تثبت بحجّة شرعيّة ، وهكذا.
وعلى الجملة : أصالة السلامة من الأُصول العقلائيّة المطّردة في جميع المقامات ، والتي جرى عليها ديدنهم في كافّة الموارد ومنها المقام.
إذن فلا يُعتنى باحتمال جنون من عنده عين زكويّة ، بل يُحكَم بوجوب إخراج زكاته ، استناداً إلى أصالة السلامة ما لم يثبت خلافها.
ومنه يظهر الحال فيما لو فُرِض الكلام في موردٍ عُلِم فيه بالجنون في زمانٍ وشُكّ في تقدّم التعلّق عليه وتأخّره ولم تكن الحالة السابقة معلومة ، فإنّ الأمر حينئذٍ أيضاً كذلك ، إذ أنّ أصالة السلامة تبيّن لنا أنّ الحالة السابقة هي العقل ، فيندرج حينئذٍ في المسألة المتقدّمة ، أي ما كان العقل متيقّناً سابقاً وعُلِم بعروض الجنون والتعلّق مع الشكّ في المتقدّم منهما والمتأخّر ، غاية الأمر أنّ التيقّن بالعقل نشأ هنا من بناء العقلاء على أصالة السلامة ، التي هي بعد الحجّيّة بمثابة العلم الوجداني.
ففي هذين الموردين لم نعرف أيّ وجهٍ لما ذكره (قدس سره) من عدم وجوب الزكاة استناداً إلى أصالة البراءة ، إذ لا تصل النوبة إليها بعد وجود الأصل الموضوعي الحاكم عليها والمقتضي لوجوب الزكاة حسبما عرفت.
والمظنون قويّاً أنّ الماتن أيضاً لا يريد ذلك ، إذ كيف تخفى عليه أصالة السلامة وقد ذكرها مبسوطاً في حاشيته على المكاسب؟! وعليه ، فلا يبعد أن يريد بجهالة الحالة السابقة في المقام مورداً لا تجري فيه أصالة السلامة ، بأن يكون مفروض كلامه صورة توارد الحالتين مع الشكّ في المتقدّم والمتأخّر ، فكان عاقلاً في زمانٍ ومجنوناً في زمانٍ آخر ، وتعلّق الزكاة بعدهما ، ولم يعلم أنّ التعلق كان في زمان الجنون أو العقل.