.................................................................................................
______________________________________________________
مدفوع بما ذكرناه في المباحث الأُصولية ، من أنه لا فرق في اعتبار كون أطراف العلم الإجمالي محلّاً للابتلاء في تنجيزه وسقوط الأُصول بين الأمارات والأُصول فإنهما على حدّ سواء في ذلك. وإنما يعتبر ذلك في الإخبارات كالبيّنة وخبر الثقة خاصة ، حيث تثبت لوازمها بالدلالة الالتزامية. وأما غيرها فهي لا تثبت اللازم العقلي ، سواء في ذلك الأُصول وغيرها ، لقصور دليل حجيتها عن ذلك. فالالتزام بثبوت القبلة مثلاً بالظن ، لا يثبت لازمه أعني دخول الوقت لمن أراد الصلاة باعتبار أنّ الدليل إنما تكفل إثبات جواز الصلاة فقط ، وأما لازمه فلا.
وبعبارة اخرى : إنّ الإخبارات تختلف عن غيرها بأنها تتضمن إثبات لوازمها بالدلالة الالتزامية ، ومن هنا تكون معارضة للخبر الآخر من دون اعتبار أن يكون الطرف الآخر محلّاً للابتلاء ، بخلاف غيرها حيث لا يتضمن إثبات اللوازم ، ومن هنا فلا بدّ في تنجيزه من كون أطراف العلم محلا للابتلاء ، وهو مفقود في المقام.
إذن فقاعدة اليد فيما تركه الميت سالمة عن المعارض ، حيث لا علم لنا في وجود رأس المال في ضمن التركة ، ومعه فتنتقل إلى الوارث بلا ضمان ، ويجوز لهم التصرّف فيها.
والذي يتحصّل من جميع ما تقدّم ، أن الصحيح في المقام هو الحكم بعدم الضمان مطلقاً ما لم يعلم تعديه أو تفريطه ، سواء في ذلك العلم بعدمهما أو الشك فيهما. أما مع الأوّل فواضح. وأما مع الثاني فلأن الشبهة مصداقية ولا يصحّ التمسّك بالعلم فيها ، ومقتضى أصالة البراءة عدمه.
نعم ، مع إحراز التعدِّي أو التفريط يحكم بضمانه ، لكن لا من جهة قاعدة اليد ، وإنما من جهة التعدي أو التفريط ، ولو بعدم إخباره للورثة بمكان مال المضاربة وإيصائه به مع علمه بجهلهم به ، فإنه أمانة في يده ولا بدّ له من إيصاله إلى مالكه ولو بتعيين مكانه ، فإذا قصّر فيه كان مفرّطاً فيضمن لا محالة.
وبالجملة فحكمنا بعدم الضمان إنما يختصّ بما إذا لم يحرز تعديه أو تفريطه ولو من ناحية عدم إيصائه به ، بأن كان موته فجأة أو نحوها ، وإلّا فهو ضامن لا محالة.