ألاّ أنهما منيا بالفشل في هذا السبيل (١).
فحوالي سنة ( ٤٩٧ ميلادية ) قام « مزدك » ، وألغى المالكية الانحصارية ( الخاصة ) ، ونسخ عادة تعدد الزوجات ، ونظام الحريم وكان ذلك في مقدمة برامجه الاصلاحية ، وقد لقيت أفكاره هذه تأييداً قوياً من قِبل الطبقات المحرومة المسحوقة الّتي فجرت بقيادة « مزدك » ثورة كبرى ، وانقلاباً هائلا في المجتمع الإيراني.
ولقد كانت هذه الثورات والانتفاضات الشعبية لأجل أن يتوصل الناس إلى حقوقهم المشروعة ، الممنوحة لهم من قبل اللّه خالقهم وبارئهم.
ولقد قوبل مذهب « مزدك » باعتراض شديد من قِبَل الموابدة ، وامراء الجيش ، وجرّ إلى فتنة كبيرة ، وإلى تردي الاوضاع في ايران آنذاك.
كما ان المذهب الزردشتي قد فقد ـ في أواخر العهد الساساني ـ حقيقته بصورة كاملة ، ووصل الأمر بعبادة النار وتقديسها إلى درجة أنهم كانوا يحرِّمون الدقّ على حديدة محماة اكتسبت لون النار ولهيبها بمجاورتها لها.
وبكلمة واحدة ؛ لقد كانت اكثر المعتقدات الزردشتية المجوسية تتألف من الخرافات والأساطير ، وقد أعطت حقائق هذا الدين ـ في هذا العهد ـ مكانها لحفنة من الشعائر الجوفاء ، والطقوس الفارغة ، الّتي أضاف إليها الموابدة سلسلة من التشريفات الطويلة العريضة تثبيتاً لمواقعهم ، ودعماً لمكانتهم في المجتمع الإيراني يومئذ.
لقد بلغت سيطرة الخرافات والاساطير البعيدة عن العقل والمنطق على هذه العقيدة ، ورسوخها في هذا الدين حداً أقلق حتّى رجال الدين الزردشتي انفسهم أيضاً ، وقد كان بين الموابدة أنفسهم من أدرك منذ البداية تفاهة الطقوس والشعائر الزردشتية الجوفاء فتخلى عنها.
__________________
١ ـ المذهب المانوي هو المذهب الزردشتي الخليط بالمسيحية ، فقد اخترع ماني من مسلك قومي وآخر اجنبي مذهباً جديداً ثالثاً.