لهذه الحرب الطويلة بدفع قريش لهوازن دية القتلى الذين كانوا يزيدون على قتلى قريش على يد هوازن (١).
وقد أسلفنا أن تحريم القتال في الأشهر الحرم كانت له جذورٌ دينية ، وحيث أن حرب « الفجار » استمرت أربع سنوات فيمكن أن يكون لمشاركة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها وجهاً وجيهاً وهو الدفاع ، خاصة انه لما سئل صلىاللهعليهوآلهوسلم عن مشهده يومئذ فقال : « ما سَرّني أنّي أَشْهدهُ ، إنَّهُمْ تَعَدَّوْا عَلى قَومي عرضوا ( اي قريش ) عَلَيْهم ( اي على هوازن ) أنْ يَدْفعُوا إلَيْهِم البرّاض صاحِبَهُمْ ( اي الّذي قتل عروة ) فأَبُوا » (٢).
ويحتمل أن تكون مشاركته صلىاللهعليهوآلهوسلم في غير الأشهر الحرم بناء على استمرار هذه الحروب مدة اربعة اعوام ، وإنما سميت مع ذلك بالفجار لأن بدايتها وافقت الأشهر الحرم لا أنّها وقعت بتمامها في الأشهر الحُرم.
وبذلك لا يبقى مجال لأن تُسْتَبْعَد مشاركة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض أيام تلك الحرب.
لقد كان في ما مضى ميثاقٌ وحلفٌ بين الجرهميين يدعى بحلف « الفُضُول » ، وكان هذا الحِلفْ يهدف الى الدفاع عن حقوق المظلومين ، وكان المؤسسون لهذا الحلف هم جماعة كانت اسماؤهم برمتها مشتقة من لفظة الفضل ، واسماؤهم ـ كما نقلها المؤرخ المعروف « عماد الدين ابن كثير » ـ هي عبارة عن : « فضل بن فضالة » ، و « فضل بن الحارث » ، و « فضل بن وداعة » (٣) ، وحيث أن الحلف الّذي عقدته جماعة من قريش فيما بينها كان متحداً في الهدف ( وهو الدفاع عن حقوق المظلومين ) مع حلف « الفضول » لذلك سمّي هذا الاتفاق
__________________
١ ـ سيرة ابن هشام : ج ١ ، ص ١٨٤ ـ ١٨٧ ، الأغاني : ج ٢٢ ، ص ٥٦ ـ ٧٥.
٢ ـ الأغاني : ج ٢٢ ، ص ٧٣.
٣ ـ البداية والنهاية : ج ١ ، ص ٢٩٠.