والسبب في وصفنا هذه النظرية بالافراط والتطرُّف هو عدم وجود دليل لا ثباته ، بل يمكن ان يقال ان مثل هذا الموقف ناشئ عن الانهزامية تجاه العالم المادي ، أو انه لارضاء الماديين ، والنافين لما يدخل في إطار العالم المادي فان الماديين يرفضون أي عالم آخر غير الطبيعة وآثارها وعلاقاتها وخواصها ، وحيث أن ارجاع المعجزات إلى العلل المجردة عن المادة يخالف منطق الماديين ، ويضادد اتجاههم وتصورهم لهذا عمد أصحاب هذه النظرية ( نظرية إرجاع المعاجز والخوارق إلى علل طبيعية غير معروفة وغير عادية ) إلى مثل هذا التفسير إقناعاً للماديين ، وارضاء لهم فقالوا : ان جميع الخوارق والمعاجز ناشئة من علل طبيعية ومادية على الإطلاق ، غاية ما في الأمر أَنها علل غير معروفة ، شأنها شان كثير من العوامل الطبيعية المجهولة.
ونحن بدورنا نترك هذه النظرية في دائرة الاجمال وبقعة الإمكان ، لعدم الدليل لا على طبقها ولا على خلافها.
إن صفحات التاريخ مليئة بذكر من ادّعوا النبوّة خداعاً وكذباً ، واستثماراً للناس ، مستغلِّين سذاجة الاغلبية الساحقة من جانب ، وانجذابهم الفطري إلى قضايا التوحيد والايمان من جانب آخر.
فكيف وبماذا يُميَّز النبيّ الصادق عن مدّعي النبوة؟؟
إن المعجزة هي إحدى الطرق التي تدل على صحة إدعاء النبوة.
وإِنما تدلُّ المعجزةُ على صدق ادّعاء النبوّة ، وارتباط النبيّ بالمقام الربوبي لأن اللّه الحكيم لا يمكن أن يزوّدَ الكاذب في دعوى النبوة بالمعجزة ، لأن في تزويد الكاذب تغريراً للناس الذين يعتبرون العمل الخارق دليلا على ارتباط الآتي بها بالمقام الربوبيّ.
وإلى هذا أشار الامامُ جعفر الصادق عليهالسلام بقوله في جواب من سأله عن علة اعطاء اللّه المعجزة لانبيائه ورسله :