ويرويها كما هي ، بكل شجاعة ، وصَلابَة.
ولا ريب ان الّذي دفع بالطبريِّ إلى أن يرتكب مثل ذلك التبديل والتغيير هو تعصّبه المذهبي ، فهو لا يعتبر الإمام عليّاً خليفة رسول اللّه بلا فصل ، وحيث أن تينك الكلمتين : « خَليفتي ووَصيّي » تصرّحان بخلافة « عليّ » للنبيّ ووصايته بلا فصل لذلك يغيّر ويبدّل حتّى ينتصر لمذهبه بالتحريف في شأن نزول هذه الآية أيضاً.
٢ ـ ولقد فعل ابن كثير ( المتوفى عام ٧٣٢ هـ ) نظير هذا في تاريخه (١) وكذا في تفسيره ( ج ٣ ص ٣٥١ ) وسلك نفس الطريق الّذي سلكه ـ من قبل ـ سلفُه الطبري ضارباً عرض الجدار مبدأ أمانة النقل!!!
ونحن لا نعذر ابن كثير في عمله هذا أبداً ، لأنه قد اعتمد ـ في رواياته التاريخية ، في تاريخه وتفسيره معاً ـ تاريخ الطبري ، لا تفسيره ولا شك أنّه قد مرَّ على هذه القصة في تاريخ الطبريّ ، ولكنّه مع ذلك حاد عن الطريق السويّ فأعرض عن نقل رواية التاريخ ـ في هذه الحادثة ـ وعَمَد ـ بصورة غير متوقعة ـ إلى نقل رواية التفسير!!!
٣ ـ والأغرب من تينك الخيانتين ما ارتكبه ـ في عصرنا الحاضر ـ وزير المعارف المصرية الأسبق الدكتور « هيكل » في كتابه « حياة محمَّد » ، وفتح بعمله باب التحريف في وجه الجيل الحاضر.
والعجب ان « هيكل » هاجم ـ في مقدمته ـ جماعة المستشرقين بشدة وانتقدهم بعنف لتحريفهم الحقائق التاريخية ، واختلاقهم لبعض الوقائع في حين لم يقصر عنهم في هذا السبيل فهو :
أولاً : نقل الواقعة المذكورة ( دعوة الاقربين المعروفة بحادثة يوم الدار أو حديث بدء الدعوة ) في الطبعة الاُولى من كتابه المذكور بصورة مبتورة ومقتضبة جداً واكتفى من الجملتين الحساستين بذكر واحدة منهما فقط وهي : قولُ النبي مخاطباً
__________________
١ ـ البداية والنهاية : ج ٢ ، ص ٤٠.