فعلنا لهم ذلك لكفروا ، واحجموا عن الإيمان.
رابعاً : إنَّ طلبَ المعجزة إنّما هو لأجل أن يستتبع الاتيانُ بها الإيمانَ بالرسالة والانضمام إلى صفوف المؤمنين ، فاذا كانت نتيجةُ المعجزة هي إباء المقترحين استلزم ذلك نقض الغرض المنشود من المعجزة ، وانتفاء فائدتها.
فاذا كان المقصود من سقوط السماء عليهم ، هو نزول الصخور السماوية لابادتهم فان هذا الطلب لا يتفق أبداً مع هدف الإعجاز وهو من أوضح مصاديق نقض الغرض.
وبالتالي ينبغي أن نذكّر بنقطة وهي : أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على خلاف ما تصوّر المستدلّون بهذه الآية على نفي أية معجزة لرسول الإسلام ـ لم يصف نفسه بالعجز وعدم القدرة على الاتيان بالمعجزة بل أفاد بقوله : « سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إلا بَشراً رَسُولاً » (١) أمرين :
١ ـ تنزيه اللّه ، فهو بقوله : « سبحانَ ربّي » نزّه اللّه تعالى عن كل عجز ونقص كما نزّهه عن الرؤية ووصفه بالقدرة على كل شيء ممكن.
٢ ـ محدوديّة قدرة النبيّ ، إذ بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هَلْ كُنْتُ إلا بَشراً رَسُولا » أفاد بأنه امرئ مأمور لا أكثر وأنه مطيعٌ لأمر اللّه وإرادته فهو يأتي بما يريد ربُّه ، والأمرُ إلى اللّه كله ، وليس للنبيّ أن يُلبّي أيَ طلب واقتراح بارادته.
وبعبارة اُخرى : ان الآية ركّزت في مقام الجواب على طلبهم بعد تنزيه اللّه عن العجز والرؤية على كلمتي : « البشر والرسول » والهدف هو انه : إذا أنتم قد طلبتم هذه الاُمور منّي من جهة إنني بشر ، كان طلبكم هذا طلباً غير صحيح ، لأن هذه الاُمور تحتاج إلى قدرة الهية.
وإن طلبتموها منّي من جهة اني نبيُّ رسولٌ فان النبي والرسولَ ما هو إلاّ إمرئ مأمورٌ يفعلُ ما ياذنُ به اللّه ، وليس له ان يفعل ما يشاء هو دون إرادة اللّه تعالى.
__________________
١ ـ الأسراء : ٩٣.