مضافاً إلى صنم القبيلة وكانت المعبودات تتراوح بين الكواكب ، والشمس ، والقمر ، والحجر ، والخشب ، والتراب ، والتمر ، والتماثيل المنحوتة المختلفة في الشكل ، والهيكل ، والاسم ، المنصوبة في الكعبة أو في سائر المعابد.
لقد كانت الاصنام جميعها أو أغلبها معظَّمة عند العرب ، يتقربون عندها بالذبائح ويقرّبون لها القرابين ، وجرت عادة بعض القبائل انذاك أن تختار من بين أفرادها كل سنة شخصاً في مراسيم خاصة ثم تذبحه عند أقدام اصنامها ، وتقبر جسده على مقربة من المذبح.
هذا العرض المختصر يكشف لنا كيف أن ارض الجزيرة العربية برمتها كانت قد اصبحت مسرحاً للاصنام ومستودعاً ضخماً للاوثان ، وكيف تحولت هذه البقعة من العالم ببيوتها وازقتها وصحاريها وحتّى بيت اللّه المحرم كانت قد تحولت إلى مخزن للنُصُب المؤلَّهة ، والتماثيل المعبودة ، ويتجلى هذا الأمر من قول شاعرهم الّذي اسلم وراح يستنكر ما كان عليه من عبادة الاصنام المتعددة الخارجة عن الاحصاء والعدّ ، إذ قال :
أَرَبّا واحِداً أمْ ألف رَب |
|
أدينُ إذا تقسَّمَتِ الاُمورُ |
عَزلتُ اللاتَ والعزى جميعاً |
|
كذلك يَفعَلُ الجَلِدُ الصَبُور |
فلا عُزّى أدين ولا ابنتيها |
|
ولا صَنَميْ بني عمرو أزُورُ |
ولا غنماً أزورُ وكان ربّاً |
|
لنا في الدهر إذ حلمي يسيرُ |
ولكن أعبدُ الرحمان رَبِّي |
|
لِيَغْفِرَ ذَنبِي الربُّ الغفُورُ (١) |
وقد حدثت بسبب الاختلاف والتعددية في عبادة الاصنام والاوثان المؤلَّهة السخيفة الباطلة ، تناقضاتٌ ، وصراعاتٌ ، وحروب ومناحرات ، قد جرّت بالتالي ويلات ومآس وخسائر مادية ومعنوية كبرى على تلك الجماعة المتوحشة ، الضالة.
* * *
__________________
١ ـ بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب : ج ٢ ، ص ٢٤٩ وجاء البصير.