الشارع بقوله : «إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين» (١) وحيث إنّ الوقت موسّع لا أثر لمضادّة الفعلين ، فإنّه لم يتعيّن عليه فعل الظهر في أوّل وقتها ، فلا يمنع وجوبها الموسّع عن الرخصة في إيجاد ما يضادّه ، أو إيجابه في الجملة.
والحاصل أنّه لا استحالة في الأمر بأشياء متضادّة في زمان يسع الجميع ، فيجب على المكلّف ـ في الفرض ـ الإتيان بجميعها في مجموع الوقت مخيّرا في البدأة بأيّها شاء تخييرا عقليّا لا شرعيّا ، لكن لا يجوز ذلك فيما نحن فيه بواسطة قوله عليهالسلام : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٢) وحيث إنّ كونها كذلك مخصوص بحال التذكّر تختصّ مانعيّته عن جواز فعل العصر في أوّل الوقت بحاله.
فما ذكرناه في تقريب الاستدلال ـ من عدم معقوليّة تكليف الغافل عن الظهر بإيقاع العصر في أوّل الوقت حال غفلته ـ مغالطة ، فإنّه لم يؤمر بإيقاع العصر قبل الظهر لدى الغفلة ، بل امر بتأخيرها عن الظهر لدى التذكّر ، كغيره من الشرائط والأجزاء التي اختصّ اعتبارها في العبادات بحال التذكّر.
وثانيا : سلّمنا استحالة تكليف الغافل بإيقاع العصر في أوّل الوقت ، لكن يكفي في صحّة الفعل ووقوعه عبادة محبوبيّته للآمر ، وكونه بحيث لو تمكّن من الأمر به لأمر ، وهو كذلك فيما نحن فيه ، كما يكشف عن ذلك إخبار الشارع بدخول وقتها بالزوال ، وكون المانع عن طلبها في أوّل الوقت تنجّز التكليف بإيقاع الظهر قبلها ، كما يدلّ عليه قوله عليهالسلام : «إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين : الظهر والعصر جميعا إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٣) بعد قيام الدليل على
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٨٢ ، الهامش (٤).
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٢ ، الهامش (٤).
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٨٢ ، الهامش (٤).