نعم ، قد يتراءى التنافي بين الأخبار المتقدّمة وبين خبر رزيق الخلقاني ـ المرويّ عن مجالس الشيخ ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه كان يصلّي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أوّل ما يبدو قبل أن يستعرض ، وكان يقول : «(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (١) إنّ ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر ، فأنا احبّ أن تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار صلاتي» وكان يصلّي المغرب عند سقوط القرص قبل أن تظهر النجوم (٢).
لكن يدفعه أنّ المراد بالاستعراض صيرورته عريضا من فوق ، أي انتشاره في جهة المشرق ، لا الاعتراض في الافق المعتبر في تحقّق الطلوع نصّا وفتوىّ ، فلا منافاة بينها وبين اعتبار العناوين المتقدّمة في حصول الصبح.
فما توهّمه (٣) غير واحد من التنافي بين الأخبار حتّى ارتكب بعضهم التأويل في الطائفة الاولى ـ التي من جملتها صحيحة (٤) أبي بصير ، التي وقع فيها التشبيه بالقبطيّة البيضاء ـ على استحباب التأخير ، وآخرين بالعكس ؛ لما في الأخبار الأخيرة من التصريح بأفضليّة التقديم من عند طلوع الفجر ، فتكلّفوا في توجيه الطائفة الاولى بحملها على بعض المحامل التي منها استحباب التأخير لمن لا يدرك الفرق بين الفجرين إلّا بذلك.
مع أنّك قد عرفت أنّ جملة من الأخبار المتقدّمة ـ التي منها خبر أبي بصير ـ
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٢) الأمالي ـ للطوسي ـ : ٦٩٥ / ١٤٨١ ـ ٢٤ (المجلس التاسع والثلاثون) الوسائل ، الباب ٢٨ من أبواب المواقيت ، ح ٣.
(٣) كذا ورد في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدون ذكر الجواب.
(٤) تقدّمت الصحيحة في ١٢٨.