كان يصلّي الصبح فينصرف النساء وهنّ متلفّعات (١) بمروطهنّ (٢) لا يعرفن من الغلس (٣) (٤) ـ فإنّ الأخبار السابقة مسوقة لتحديد طلوع الفجر الذي عنده تحلّ الصلاة ، ويحرم الأكل للصائم ، فأوّل طلوع الفجر بمقتضى تلك الأخبار إنّما يتحقّق عند صدق ما تضمّنته من التعاريف بأن اعترض بياض في أسفل الافق بحيث يرى في ظلمة الليل كأنّه نهر سورى ، كما شبّه به في روايتي (٥) ابن عطيّة وهشام ، أو القبطيّة البيضاء ، كما في صحيحة (٦) أبي بصير ، أو القباطي ، كما في غيرها (٧).
وقد أشرنا إلى أنّه عند ذلك يصدق عليه أنّه أضاء حسنا ، كما في بعض الأخبار المتقدّمة (٨) ، فلم يقصد ـ على الظاهر ـ بشيء من هذه الأخبار إرادة ما هو أخصّ من طلوع الفجر الذي لا ترتفع به ظلمة الليل ما لم ينبسط ضوؤه وينتشر إلى أن يضيء الصبح فضلا عن أن يتحقّق التنافي بينها وبين ما دلّ على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يغلّس بالغداة.
__________________
(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «متلفّقات». وهي غلط ، والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر ، أو «متلفّفات» كما في صحيح مسلم ١ : ٤٤٦ ، ذيل ح ٢٣٢. واللفاع : ثوب يجلّل به الجسد كلّه ، كساء كان أو غيره. وتلفّع بالثوب : إذا اشتمل به. النهاية ـ لابن الأثير ـ ٤ : ٢٦١ «لفع».
(٢) أي : أكسيتهنّ. والمرط : كساء من خزّ أو صوف أو كتّان. لسان العرب ٧ : ٤٠١ «مرط».
(٣) صحيح البخاري ١ : ١٥١ ، صحيح مسلم ١ : ٤٤٦ / ٢٣٢.
(٤) أورده عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٢٠٨ ، وانظر : الذكرى ٢ : ٣٥٠ ـ ٣٥١.
(٥) تقدّمتا في ص ١٢٨.
(٦) تقدّمت في ص ١٢٨.
(٧) كمرسلة الصدوق ، المتقدّمة في ص ١٢٨.
(٨) في ص ١٢٩.