لو لا أنّي أخاف أن أشقّ على أمّتي لأخّرت العشاء (١) إلى ثلث الليل ، وأنت في رخصة إلى نصف الليل» (٢).
وروايته الأخرى ـ المرويّة عن العلل ـ قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لو لا أن أشقّ على أمّتي لأخّرت العشاء إلى نصف الليل» (٣).
ويدلّ عليه أيضا الأخبار المستفيضة الآتية الناهية عن النوم عنها إلى نصف الليل حيث يفهم منها جواز النوم إلى ما قبل النصف بمقدار فعلها.
ولا يخفى عليك أنّ الغرض الباعث على تكثير الأدلّة إنّما هو التيمّن بذكر الأخبار الصادرة من الأئمّة عليهمالسلام في الموارد المناسبة لها بقدر الإمكان ، وإلّا فتكثير الأدلّة في مثل هذه المسألة من الموهنات خصوصا مع ضعف دلالة بعضها ، وإمكان الخدشة في بعض ، وقبول بعضها للتأويل بأدنى أمارة على خلافه ، فيكفي في إثبات مذهب المشهور ـ على تقدير الإغماض عن جميع ما ذكر ـ خصوص مرسلة الصدوق ، التي استشهد بها صاحب الحدائق (٤) لمختاره من قوله عليهالسلام : «أوّل الوقت رضوان الله ، وآخره عفو الله ، والعفو لا يكون إلّا عن ذنب» (٥) لما أشرنا إليه آنفا من أنّه لا يفهم من مثل هذه الرواية ـ كغيرها من الأخبار الكثيرة التي لا تحصى ـ إلّا جواز التأخير وكراهته ، فهي شاهدة لصرف ما كان مشعرا أو ظاهرا
__________________
(١) في التهذيب والاستبصار : «العتمة» بدل «العشاء».
(٢) التهذيب ٢ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ / ١٠٤١ ، الاستبصار ١ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ / ٩٨٦ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب المواقيت ، ح ٢.
(٣) علل الشرائع : ٣٤٠ (الباب ٤٠) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب المواقيت ، ح ٥.
(٤) الحدائق الناضرة ٦ : ٩٠.
(٥) تقدّم تخريجه في ص ١٧٤ ، الهامش (٤).