الظهر في الصيف إذا كان ظلّك مثلك ، والعصر إذا كان مثليك» وكان زرارة هكذا يصلّي في الصيف ، ولم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير (١).
لأنّا نقول : هذا إجمالا ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، لكن توسعة العذر إلى هذا الحدّ ـ مع أنّ التأخير إلى آخر الوقت لا يجب عند أحد من الخاصّة والعامّة حتّى يخاف من مخالفته ـ من أقوى الأمارات على توسعة الوقت وكفاية أدنى عذر في رفع المنقصة المترتّبة على التأخير ، كما أنّ اختلاف الأخبار الواردة في باب المواقيت ـ التي ستسمعها ـ من أقوى الشواهد على ذلك حيث يستكشف من جميعها توسعة الوقت وكون الروايات المختلفة منزّلة على جهات الفضيلة ولو بلحاظ خصوصيّات الأوقات والأشخاص بواسطة أدنى ضرورة مقتضية للتقديم أو التأخير بحيث لو كان الوقت في الواقع من الأمر المضيّق لم يكن يعتنى فيه بهذا النحو من المقتضيات.
هذا ، مع أنّه صرّح بعض (٢) القائلين بعدم جواز التأخير اختيارا بأنّه لو أخّر اختيارا فقد عصى ، ولكنّه يعفى عنه ، ولا يفوت بذلك الوقت ، بل يجب عليه الإتيان في الوقت الأخير ، بل ربّما يظهر منه كونه مسلّما عندهم ، فعلى هذا لا يترتّب على النزاع ثمرة يعتدّ بها.
وحكي عن الشيخ ـ الذي نسب إليه مخالفة المشهور ـ أنّه فسّر كلامه في التهذيب بما يوافق المشهور ، فقال في شرح عبارة المفيد ـ التي يظهر منها وجوب المبادرة إلى الصلاة في أوّل وقتها ، وأنّه لو أخّرها ومات فقد ضيّع صلاته ، ولكن
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١٤٣ ـ ١٤٤ / ٢٢٦ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب المواقيت ، ح ٣٣.
(٢) راجع : المقنعة : ٩٤.