هذه الأخبار على التقيّة ونحوها ، لا على الفضيلة ، فالتزم بأنّ الفضل في المبادرة إلى الصلاة من أوّل وقتها إلى آخره ، فهي في كلّ جزء من أجزاء الوقت أفضل ممّا بعده.
وهذا وإن كان وجيها لكن الأوجه ما عرفت من أنّ لكلّ صلاة وقتين ، وأوّل الوقتين من حيث هو أفضلهما ، لا من حيث عنوان المسارعة والاستباق ، الذي هو أيضا من الوجوه المرجّحة للفعل ، وأنّ التحديد الواقع في الأخبار المشار إليها منزّل على تحديد الوقت ـ الذي ينبغي اتّخاذه وقتا ـ الذي هو أوّل الوقتين ، كما في غير واحد من الأخبار إشارة إلى ذلك لا تخفى على من التفت إليها.
وقد ظهر بما ذكر أنّ الأظهر أنّ ابتداء وقت فضيلة العشاء بعد زوال الحمرة ؛ لما في غير واحد من الأخبار من تحديد أوّل وقتها بهذا الوقت الذي هو أوّل وقتيها اللّذين نزل بهما جبرئيل عليهالسلام (١) ، ولكن رفعنا اليد عن ظاهرها بالحمل على أوّل وقتها الذي ينبغي اتّخاذه وقتا ، أي وقت الفضيلة ؛ جمعا بينها وبين الأخبار الدالّة على الرخصة في تقديمها ، وأنّ وقتها الذي يجوز الإتيان بها فيه إنّما هو بعد مضيّ مقدار المغرب ، التي لا يستفاد منها أزيد من جواز التقديم ، مع ما في بعضها من الإشعار أو الدلالة على مرجوحيّته بلا عذر.
وأمّا صلاة العصر فهي أيضا وإن كانت كالعشاء حيث ورد في جملة من الأخبار تحديد أوّل وقتها بذراعين أو أربعة أقدام أو القامة ، ولكن لم نلتزم فيها
__________________
(١) راجع ص ١٦٧ ، الهامش (٢) وص ١٦٨ ، الهامش (٣).