الواردة فيه جملة منها كادت تكون صريحة في الشمول ، لكنّ الأدلّة الدالّة على شرعيّة نافلة الظهرين في وقتهما حاكمة على تلك النواهي حيث إنّها تدلّ بمدلولها اللفظي على أنّ وقت الفريضة الذي نهي عن التطوّع فيه إنّما هو بعد الذراع والذراعين ، وأمّا قبلهما فهو وقت للنافلتين.
لكنّك ستعرف في محلّه اختصاص هذه الحكومة بالنافلتين ، فلو تنفّل بغيرهما قبل الذراع والذراعين يكون من التطوّع في وقت الفريضة.
وأمّا نافلة المغرب قبل ذهاب الشفق فهي خارجة عن موضوع هذه النواهي ؛ لما أشار إليه المصنّف رحمهالله في محكيّ المعتبر (١) ـ وستعرف تحقيقه ـ من أنّ المراد بوقت الفريضة هو الوقت الذي أريد فيه من المكلّف اشتغاله بالفريضة إمّا بأمر إلزاميّ ، كما في آخر وقتها الذي لا يجوز له التأخير ، أو بأمر ندبيّ ، كما في سائر أوقاتها التي يكون فيها مأمورا بتعجيلها ما استطاع ، لا مطلق وقتها الذي يجوز له إيقاعها فيه وإن كان الراجح تأخيرها عنه إمّا بالذات كما في وقت العشاء قبل ذهاب الشفق ، وكذا العصر على القول باستحباب تأخيرها إلى المثل أو الأربعة أقدام ، أو بالعرض ، كما في منتظر الجماعة ، فإنّ النافلة في هذا الوقت ممّا لا محذور فيه ، وليست مندرجة فيما أريد من النهي عن التطوّع في وقت الفريضة ، كما ستعرف تحقيقه.
وبهذا ظهر لك أنّ ما ذكره المصنّف رحمهالله في غاية الجودة والمتانة ، ولا يتوجّه عليه شيء من مثل هذه الخدشات ، وسيأتي لذلك مزيد توضيح ان شاء
__________________
(١) راجع ص ٢٤٥.