ولا ينافي إرادة هذا المعنى ما في ذيل الرواية من ظهور أثر الغضب من فعل الإمام عليهالسلام وقوله في جواب أبي الخطّاب السائل عن شرعيّة الازدياد ؛ فإنّ غضبه على الظاهر نشأ من سوء تعبير السائل ، كما يشهد لذلك خبر الصيقل عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «إنّي لأمقت الرجل يأتيني فيسألني عن عمل رسول الله صلىاللهعليهوآله فيقول : أزيد؟ كأنّه يرى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قصّر في شئ» (١) الحديث ، فلو كان يسأله عن شرعيّة الإتيان بالزائد لا بهذه العبارة ـ كما في بعض الأخبار المتقدّمة ـ لأجابه الإمام عليهالسلام بالجواز ؛ لأنّ «الصلاة خير موضوع من شاء استقلّ ومن شاء استكثر» (٢) غاية الأمر أنّه لا ينوي بالزائد استحبابه بالخصوص ما لم يثبت.
والغرض من إطالة الكلام بيان أنّ أخبار الباب لدى المتأمّل ليست من الأخبار المتعارضة ، بل الاختلافات الواقعة فيها منزّلة على اختلاف المراتب في الفضل ، وإلّا فمن الواضح أنّه لا يصلح سائر الروايات لمعارضة الأخبار الدالّة على شرعيّة الإحدى والخميس ، المعتضدة بفتوى الأصحاب وعملهم.
وممّا يشهد بعدم التنافي بين الأخبار وصحّة الجميع : ما رواه عبد الله بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث طويل ، قال : «وعليكم بالصلاة الستّة والأربعين ، وعليك بالحجّ أن تهلّ بالإفراد وتنوي الفسخ إذا قدمت مكّة» ثمّ قال : «والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ وما أمرناه به من أن يهلّ بالتمتّع ، فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك (٣) ، ما
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٠٣ / ١٣٨٦ ، وعنه في الوافي ٧ : ٧٧ / ٥٤٨٤ ـ ٥.
(٢) الخصال : ٥٢٣ / ١١ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٩٧.
(٣) في «اختيار معرفة الرجال» : «كذلك» بدل «لذلك».