ضعف ظهور معظم تلك الأخبار في اشتراط كونه لعلّة ؛ لوقوع الاشتراط في كلام السائل ، لا في الجواب ، بل إشعار الاكتفاء بمثل هذه الأعذار ـ التي لا تقتضي على تقدير تحقّقها فوت الصلاة في وقتها ، بل الإتيان بها في الوقت فاقدة لبعض شرائطها الاختياريّة ، كالصلاة مع التيمّم ، أو بلا استقرار الذي هو شرط الكمال في النافلة لا الصحّة ـ كون الأمر في حدّ ذاته مبنيّا على التوسعة ، لا كون التوسعة ناشئة من الضرورة ، وإلّا فمن المستبعد رفع اليد عن شرط محقّق رعاية لاحتمال فوات شرط اختياريّ.
اللهمّ إلّا أن تكون الحكمة في الرخصة في التقديم في مثل هذه الموارد كون نفس النافلة بذاتها في معرض الفوت ، حيث إنّ التكليف بها غير إلزاميّ ، فربّما يتسامح في أمرها المكلّف ، ويتركها لأدنى مشقّة ، كتطهير ثوبه وبدنه لدى الحاجة إليه عند عروض الجنابة ، أو نزوله عن دابّته في أثناء الطريق للتيمّم ، فضلا عمّا لو توقّفت على كلفة زائدة ، كالوضوء أو الاغتسال بالماء البارد ، فالتوسعة في الوقت إنّما هو بهذه الملاحظة ، لا لرعاية سائر الشرائط المحتملة الفوات.
وكيف كان فممّا يؤيّد أيضا جواز التقديم مطلقا الأخبار المستفيضة الدالّة على أنّ النافلة بمنزلة الهديّة متى أتي بها قبلت (١).
لكن مع ذلك كلّه فالأحوط بل الأقوى ما حكي عن المشهور من عدم جواز التقديم بلا ضرورة مقتضية له ؛ فإنّ الاعتماد على رواية سماعة وغيره ـ ممّا يظهر منه جواز التقديم مطلقا ـ بعد إعراض الأصحاب عنها في رفع اليد عن ظواهر
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٥٤ / ١٤ ، التهذيب ٢ : ٢٦٧ / ١٠٦٥ و ١٠٦٦ ، الاستبصار ١ : ٢٧٨ / ١٠٠٩ و ١٠١٠ ، الوسائل ، الباب ٣٧ من أبواب المواقيت ، الأحاديث ٣ و ٧ و ٨.