وبالجملة ، فليس في الروايات دلالة على التعيين بوجه ، وإنّما المستفاد منها استحباب صلاة ثمان ركعات قبل الظهر ، وثمان بعدها ، وأربع بعد المغرب من غير إضافة إلى الفريضة ، فينبغي الاقتصار في نيّتها على ملاحظة الامتثال بها خاصّة (١). انتهى.
أقول : لا ريب أنّ الأمر المتعلّق بالنوافل ليس أمرا غيريّا ناشئا من كون الفريضة مسبوقة أو ملحوقة بنافلة شرطا لكمالها بأن يكون حال النافلة حال الأذان والإقامة في كونها بمنزلة الأجزاء المستحبّة للصلاة ، بل هي عبادات مستقلّة قد تعلّق الأمر بإيجادها في أوقات معيّنة قبل فعل الفرائض أو بعدها ؛ فلها نحو تعلّق بأوقاتها وبالفرائض التي اعتبر الشارع وقوعها قبلها أو بعدها ، فتصحّ باعتبار تلك العلاقة إضافتها إلى وقتها أو إلى الفريضة المرتبطة بها ؛ فإنّه يكفي في الإضافة أدنى مناسبة ، فلا يهمّنا تحقيق أنّ إضافتها إلى الفرض من قبيل إضافة المسبّب إلى سببه وأنّ حكمة تعلّق الأمر بها المناسبة المتحقّقة بين الفرائض وبينها ، المقتضية لتشريعها ، أو أنّ إضافتها إلى الوقت كذلك ، فإنّ الآتي بها سواء أضافها إلى الوقت أو إلى الفرض لا ينوي بفعلها إلّا النافلة المعهودة المسنونة التي تعلّق الأمر الشرعي بإيجادها في ذلك الوقت قبل الفرض أو بعده ، فإضافتها إلى الوقت أو إلى الفرض إنّما هي لكونها معرّفة لتلك الماهيّة ومميّزة إيّاها عن غيرها ، وبها يحصل التميّز ، فتصحّ معها العبادة من غير حاجة إلى تحقيق السبب ولا إلى معرفة أنّ الشارع أطلق عليها نافلة الوقت أو سمّاها نافلة الفرض.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ١٣.