وكيف كان فالاعتماد على مثل هذه الرواية ـ مع ما في متنها من التهافت وفي سندها من القصور ـ في إثبات مثل هذا الحكم المخالف للقواعد مشكل ، والله العالم.
تنبيه : لا شبهة في انقضاء الليل عند طلوع الفجر الصادق واستبانته.
فما حكي عن الأعمش وغيره ـ من القول بامتداد الليل إلى طلوع الشمس ، وأنّ ما بين الطلوعين من الليل (١) ـ لا يخلو عن غرابة ؛ ضرورة عدم صدق الليل على ما قبل طلوع الشمس بعد أن أضاء الصبح وأسفر لا لغة ولا عرفا ولا شرعا ، بل يصحّ سلبه عنه على وجه غير قابل للتشكيك.
وأغرب من ذلك : ما نسب إليه من تجويزه الأكل والشرب للصائم إلى طلوع الشمس (٢) ، مع مخالفته للكتاب والسنّة وإجماع الأمّة بل الضرورة من الدين.
والعجب من صاحب الجواهر (٣) وغيره (٤) حيث أتعبوا بالهم في إبطال هذا القول بإيراد الحجج من الآيات والأخبار والاستشهاد عليه بكلمات الفقهاء والمفسّرين والحكماء الإلهيّين والرياضيّين واللّغويّين ، مع أنّ بطلانه أوضح من أن يبرهن عليه ، فإنّ عدم صدق آخر الليل على قريب طلوع الشمس بديهيّ ، فإقامة البراهين عليه يوهم كونه من النظريّات القابلة للتشكيك.
ولعلّ من زعم أنّ ما بين الطلوعين من الليل اغترّ بما جرى عليه اصطلاح
__________________
(١) المجموع ٣ : ٤٥.
(٢) المجموع ٣ : ٤٥.
(٣) جواهر الكلام ٧ : ٢٢٠ وما بعدها.
(٤) كالمجلسي في بحار الأنوار ٨٣ : ٧٧ وما بعدها.