أبو عبد الله عليهالسلام : «صلّهما بعد الفجر ، واقرأ فيهما فى الأولى قل يا أيّها الكافرون ، وفي الثانية قل هو الله أحد» (١) لقصور الصحيحتين ـ بعد إعراض الأصحاب عن ظاهرهما ، وموافقتهما للعامّة على ما قيل (٢) ، ويشهد له الرواية الآتية ـ عن مكافئة الأخبار المستفيضة المعمول بها عند الأصحاب ، التي هي نصّ في جواز تقديمهما على الفجر.
ولذا حمل غير واحد الفجر في الروايتين على الفجر الأوّل ؛ نظرا إلى أنّ حمله على الفجر الثاني ـ كما هو المتبادر من إطلاقه ـ يستلزم إمّا حمل الروايتين على التقيّة ، أو حمل الأمر بفعلهما بعد الفجر على الرخصة ، والثاني تأويل بعيد ، والأوّل ممّا لا يصار إليه مع إمكان الجمع بين الروايات.
وفيه : أنّ حمل الفجر المطلق على الفجر الكاذب من أبعد التصرّفات ، وأقربها الحمل على التقيّة ؛ فإنّ الحمل على التقيّة في حدّ ذاته وإن كان من التصرّفات البعيدة لكن ربما يشهد له رواية أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام :متى أصلّي ركعتي الفجر؟ قال : فقال لي : «بعد طلوع الفجر» قلت له : إنّ أبا جعفر عليهالسلام أمرني أن أصلّيهما قبل طلوع الفجر ، فقال : «يا أبا محمّد إنّ الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمرّ الحقّ ، وأتوني شكّاكا فأفتيتهم بالتقيّة» (٣).
ولا يبعد حملهما على الرخصة أيضا بشهادة الأخبار الآتية ، كما ستعرف.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٣٤ / ٥٢١ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ / ١٠٣٨ ، الوسائل ، الباب ٥١ من أبواب المواقيت ، ح ٦.
(٢) راجع : ذخيرة المعاد : ٢٠١ ، ورياض المسائل ٢ : ١٩٩.
(٣) التهذيب ٢ : ١٣٥ / ٥٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢٨٥ / ١٠٤٣ ، الوسائل ، الباب ٥٠ من أبواب المواقيت ، ح ٢.