وكيف كان فهذا هو الأظهر ولو على القول بالمضايقة في القضاء ؛ لما ستعرف ـ إن شاء الله ـ في محلّه من أنّ المتّجه على هذا القول أيضا أو سعيّة الأمر من ذلك ، وعدم كون التضييق بمرتبة ينافيها الإتيان بنافلة أو ما جرى مجراها من الأفعال المستحبّة أو المباحة في خلال التشاغل بالقضاء ، فالاستدلال للمنع بأدلّة القول بالمضايقة غير وجيه ، مضافا إلى ما ستعرف ـ إن شاء الله ـ من ضعف هذا القول.
وأضعف من ذلك : ما في الحدائق من الاستدلال عليه أيضا بالروايات الدالّة على وجوب ترتيب الحاضرة على الفائتة ، وأنّه يجب تأخير الحاضرة إلى أن يتضيّق وقتها قائلا في تقريبه : إنّه إذا وجب ذلك في الفريضة ـ التي هي صاحبة الوقت ـ ففي نافلتها بطريق أولى ، وأولى منه في غير نافلتها (١).
وفيه ما لا يخفى ؛ فإنّ المانع عن فعل الحاضرة قبل الفائتة ـ بناء على العمل بظاهر هذه الروايات ـ إنّما هو وجوب الترتيب بين الفرائض ، ولذا ربما يقول به من لا يلتزم بالمضايقة في القضاء ، فحال الحاضرة بالنسبة إلى الفائتة حال العصر بالنسبة إلى الظهر ، فتنظير النافلة عليها خصوصا النوافل المبتدأة أو قضاء الفوائت منها قبل الفريضة الفائتة قياس مع الفارق.
نعم ، لو كان مناط إيجاب تأخير الفريضة إلى آخر وقتها المضايقة في أمر القضاء لا غير ، لكان للأولويّة التي ادّعاها وجه ، لكن من أين علم ذلك؟ مع مخالفته لظواهر غير واحد من تلك الروايات ، كما ستسمعها في محلّها إن شاء الله.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٦ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩.