ويؤيّده الأمر المتعلّق بالبدأة بالفريضة في خبر (١) يعقوب بن شعيب ـ الوارد في من فاتته الغداة ـ المحمول على الاستحباب بشهادة ما عرفت ، كما عرفت.
وأمّا صحيحته (٢) الأخرى ـ المحكيّة عن الروض ـ فهي ـ بعد الغضّ عمّا عرفته في المسألة السابقة من عدم الوثوق بصدورها ، ومغايرتها للصحيحة الواردة في ركعتي الفجر ، التي تقدّم الكلام فيها ـ قاصرة عن حدّ الدلالة ، فضلا عن صلاحيّتها لمعارضة هذه الصحيحة ؛ فإنّه لا بدّ من حمل النهي فيها على الكراهة ، أو مطلق المرجوحيّة الغير المنافية للكراهة ؛ لما عرفت ـ فيما سبق ـ من أنّ الأظهر كراهة التطوّع في وقت فريضة حاضرة بشهادة أخبار معتبرة دالّة على الجواز ، حاكمة على الأدلّة الناهية عن التطوّع في وقت الفريضة ، فلا يمكن إرادة الحرمة منها بالنسبة إلى القضاء ؛ لاستلزامها استعمال اللفظ في معنيين ، فالمراد بالنهي في الجميع إمّا خصوص الكراهة ، أو مطلق المرجوحيّة ، فلا يتمّ به الاستدلال.
هذا ، ولكن يبقى بين هاتين الصحيحتين تدافع من جهتين.
الأولى : أنّ الصحيحة الواردة في المقام تدلّ على أنّ المراد بوقت الفريضة التي نهي عن التطوّع فيه هو وقت الحاضرة دون الفائتة ، وتلك الصحيحة تدلّ على أنّ المراد به الأعمّ ، إلّا على الاحتمال الذي عرفت ضعفه.
والثانية : أنّ تلك الصحيحة تدلّ على مشاركة التطوّع في وقت الحاضرة والفائتة في النهي الذي أقلّ مراتبه الكراهة ، وقد حملنا النهي الوارد فيها بالنسبة إلى
__________________
(١) تقدّم الخبر في ص ٣٣٥.
(٢) تقدّمت الصحيحة في ص ٣١٧ و ٣٣٤.