وإن شئت قلت : إنّ إطلاق الأمر المتوجّه إلى البالغين منصرف عمّن صلّى صلاته (١) صحيحة في وقتها ، وليس توارد الأمرين على الصبيّ على سبيل الاجتماع حتّى يلزمه تعدّد متعلّقهما ذاتا أو وجودا ، بل على سبيل التعاقب ، ولا مانع من تواردهما على فعل خاصّ بحسب اختلاف أحوال المكلّف ، كاستحبابه في السفر ووجوبه في الحضر.
فكأنّه قدسسره زعم أنّ متعلّق كلّ من الأمرين تكليف مستقلّ لا ربط لأحدهما بالآخر ، فرأى أنّ مقتضى إطلاق وجوب الصلاة على البالغ وجوب الإتيان بهذه الطبيعة بعد بلوغه مطلقا ، سواء أتى بها قبل البلوغ في ضمن فرد آخر أم لا.
لكنّ الأمر ليس كذلك ؛ لما أشرنا إليه من أنّ المقصود بشرعيّة عبادة الصبيّ هو : أنّ الصلوات المعهودة في الشريعة التي أوجبها الله تعالى على البالغين جعلها بعينها مسنونة للصبيّ ، نظير ما لو قال : صلاة الوتر ـ مثلا ـ واجبة على الحاضر ومستحبّة للمسافر ، أو صلاة الجمعة واجبة عينا على الحرّ الحاضر وتخييرا للعبد والمسافر ، أو أنّها مستحبّة لهما ، إلى غير ذلك من الموارد التي اتّحد فيها التكليف مع اختلاف الطلب بلحاظ أحوال المكلّف ، فلا مسرح في مثل هذه الموارد للتمسّك بأصالة الإطلاق بعد فرض وحدة التكليف ، وحصول متعلّقه جامعا (٢) لشرائط الصحّة.
والحاصل : أنّه فرق بين ما لو قال : يستحبّ للعبد أو المسافر أن يصلّي صلاة الجمعة ، على الإطلاق ، ويجب على الحرّ الحاضر كذلك ، وبين أن يقول :
__________________
(١) في «ض ١٦» : «صلاة».
(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «جامعة». والصحيح ما أثبتناه.