بعنوان كونها جزءا من الصلاة المأتيّ بها بقصد التقرّب وامتثال الأمر المتعلّق بها ، فكما أنّ الإتمام يقتضي الإجزاء بالنسبة إلى الأمر بالإتمام ، الذي هو توصّلي محض ، كذلك حصول تمام الفعل ـ خصوصا إذا كان بأمر الشارع وإجازته ـ يقتضي الإجزاء بالنسبة إلى الأمر المتعلّق بذلك الفعل.
نعم ، قد يقال : إنّ الأمر الذي أسقطه هذا الفعل هو الأمر الاستحبابي الذي نوى امتثاله من أوّل الأمر ، دون الأمر الوجوبي الذي تنجّز عليه في أثناء الصلاة عند بلوغه ، كما يومي إلى ذلك ما في الجواهر حيث قال ـ بعد أن استدلّ لوجوب الإعادة بعد البلوغ : بالعمومات الظاهرة في المكلّفين ، وفسّر المراد من شرعيّة عبادة الصبيّ باستحبابها من أمر آخر غير مثل قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (١) ـ ما لفظه : فيكون اللّذان تواردا على الصبيّ في الفرض أمرين ندبيّا وإيجابيّا ومن المعلوم عدم إجزاء الأوّل عن الثاني ، بل لو كان حتما كان كذلك أيضا ؛ لأصالة تعدّد المسبّب بتعدّد السبب ، خصوصا في مثل المقام الذي منشؤ التعدّد فيه اختلاف موضوعين كلّ منهما تعلّق به أمر ، وهما الصبيّ والبالغ (٢). انتهى.
ولكنّك عرفت ضعف هذا القول ، وأنّ وحدة المتعلّق مانعة عن أن يتعلّق بذلك الفعل المفروض صحّته أمر في الأثناء أو بعد الفراغ منه ، ولذا لا يكاد يخطر في ذهن الصبيّ الذي بلغ بعد صلاته التي زعم صحّتها وجوب إعادتها بعد البلوغ ، مع أنّ وجوب الصلاة على البالغين وعدم وجوبها على الصبيّ من الضروريّات المغروسة في ذهنه.
__________________
(١) راجع الهامش (١) من ص ٣٦٠.
(٢) جواهر الكلام ٧ : ٢٦١ ـ ٢٦٢.