النفسيّ عنوانا آخر غير نفس العدد الذي هو بنفسه غالبا عنوان انتزاعيّ ، بل ما نحن فيه نظير ما لو أمر بصوم ثلاثة أيّام في أوّل كلّ شهر ، فهذا بنظر العرف ليس إلّا كالأمر بإعطاء ثلاثة دراهم لا يفهمون منه إلّا تكليفا غير ارتباطيّ ، فليتأمّل.
وأمّا عدم وجوب إكمال النافلة بالشروع فيها فلا يدلّ على جواز الإتيان ببعضها عازما عليه من أوّل الأمر.
ألا ترى أنّا ربّما نلتزم بجواز قطع النافلة اختيارا مع أنّه لا يشرع الإتيان بجزئها من حيث هو ، كما هو واضح.
وأمّا كون حكمة شرع النوافل تكميل الفرائض فهو لا يدلّ على شرعيّة التوزيع ، ولذا لا يجوز الإتيان بركعة مستقلّة.
اللهمّ إلّا أن يقال بأنّه يستفاد من ذلك أنّ المصلحة المقتضية لشرع النوافل متقوّمة بذواتها من حيث كونها صلاة ، لا من حيث كونها بهذا العدد المخصوص ، فالمأمور به في الحقيقة هو الصلوات المتعدّدة التي ينتهي عدد ركعاتها إلى الثمانية مثلا ، فالأمر تعلّق بكلّ جزء جزء بعنوان كونه صلاة ، لا كونه جزءا من الثمانية.
وكيف كان فعمدة المستند لإثبات جواز الإتيان بالبعض ما أشار إليه قدسسره في ذيل العبارة من أنّ دلالة النصوص على جواز الاقتصار على البعض في نافلة العصر وغيرها ـ كما عرفته مفصّلا ـ بضميمة مغروسيّة محبوبيّة طبيعة الصلاة في النفس ، وكون كلّ فرد منها في حدّ ذاتها عبادة مستقلّة ، وكون الحكمة المقتضية لتشريعها مناسبة لتعلّق الطلب بذواتها من حيث كونها صلاة توجب انسباق الذهن عند الأمر بثمان ركعات في نافلة الزوال ـ مثلا ـ إلى إرادة تكليف غير ارتباطيّ ،