كالفرائض ، بل هي من النوافل التي تكون بمنزلة الهديّة متى أتي بها قبلت ، فلا ينافيه كونها في بعض الأوقات مشتملة على منقصة توجب كونها أقلّ ثوابا ممّا لو أتي بها في غير ذلك الوقت ، كما هو أحد الوجوه التي يتوجّه بها العبادات المكروهة في أغلب مواردها ـ لكن من ملاحظة المجموع وعدم الإشعار في شيء منها بكراهته في بعض الأوقات ، وإطلاق نفي البأس عنه ، بل في بعضها التصريح بأنّ «أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار كلّ ذلك سواء» (١) [يستفاد] (٢) أنّه لا كراهة فيه رأسا خصوصا بالنسبة إلى الوقت المتعلّق بالفعل ، أي بعد صلاتي الصبح والعصر ، الذي كان بالخصوص ملحوظا في كثير من هذه الأخبار.
واستدلّ للمدّعى أيضا بخبر عليّ بن بلال ، قال : كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس ، فكتب «لا يجوز ذلك إلّا للمقتضي ، فأمّا لغيره فلا» (٣) بناء على تفسير «المقتضي» بفاعل القضاء ، فالمقصود بالجواب بيان قصر الجواز على القضاء دون سائر الصلوات.
وفيه : أنّ إرادة هذا المعنى من المقتضي خلاف المتعارف ، فالرواية لا تخلو عن تشابه ، مع ما فيها من الإضمار ، وظهورها في الحرمة التي لا نقول بها ، فلا يبعد كونها مشوبة بالتقيّة ، كما يؤيّد ذلك كونها مكاتبة.
ويحتمل قويّا أن يكون المراد بالمقتضي السبب الباعث على اختيار الفعل
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٤٢٣ ، الهامش (١).
(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.
(٣) التهذيب ٢ : ١٧٥ / ٦٩٦ ، الاستبصار ١ : ٢٩١ / ١٠٦٨ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب المواقيت ، ح ٣.