فالأقوى ما ذهب إليه ابن الجنيد والمفيد من استحباب المماثلة (١).
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ إعراض المشهور عن ظاهر هذه الروايات أسقطها عن الحجّيّة.
وفيه نظر بل منع خصوصا في مثل المقام الذي يكفي فيه رواية ضعيفة.
ولا ينافيه استحباب الاستباق إلى الخيرات ؛ فإنّ التعجيل حسن ، ورعاية الوقت من حيث هو أيضا كذلك بل أحسن ، فإذا تصادق العنوانان في مورد فنور على نور.
وقد ظهر بما ذكرنا ضعف ما حكي عن بعض من حمل الأخبار الأخيرة على التقيّة (٢) ؛ لما عرفت من أنّ المقام مقام الجمع بين الأخبار ، لا الرجوع إلى المرجّحات ، خصوصا مع وجود شاهد لفظيّ.
هذا ، مع أنّه لم يعلم موافقتها للعامّة ، فإنّه وإن حكي عن بعضهم القول بأنّه تقضى صلاة الليل في الليل والنهار في النهار (٣) ، لكن لا يبعد إرادته الوجوب دون الاستحباب ، بل ربما يستشعر من مبالغة السائلين واعتراضهم بلزوم وترين في ليلة معروفيّة القول بالمنع عند العامّة وكون هذه الأخبار مخالفة لهم.
وكيف كان فالأمر في ذلك كلّه سهل بعد عدم الخلاف في مشروعيّة أصل القضاء في أيّ ساعة أحبّ من ليل أو نهار ، وكون التعجيل أو الانتظار من باب الفضيلة التي تختلف حالها بالنظر إلى الأماكن والأوقات والأحوال وغيرها من
__________________
(١) تقدّم تخريج قولهما في ص ٤٣٥ ، الهامش (٤ و ٥).
(٢) حكاه البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٣٢٤ عن بعض متأخّري المتأخّرين.
(٣) راجع ص ٤٣٥ ، الهامش (٢).