صيحتين ثمّ مات ، فاستشار عمر أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأشار عليه بعضهم : أن ليس عليك شيء إنّما أنت دالٌّ ومؤدّب ، وصمت عليّ ، فأقبل على عليٍّ فقال : ما تقول؟ قال : «إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم ، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك ، أرى أنّ ديته عليك ؛ فإنّك أنت أفزعتها وألقت ولدها في سبيلك» فأمر عليّا أن يقسّم عقله على قريش يعني يأخذ عقله من قريش لأنّه أخطأ.
صورة أخرى :
استدعى عمر امرأة ليسألها عن أمر وكانت حاملاً فلشدّة هيبته ألقت ما في بطنها فأجهضت به جنيناً ميتاً ، فاستفتى عمر أكابر الصحابة في ذلك ، فقالوا : لا شيء عليك إنّما أنت مؤدّب. فقال له عليّ عليهالسلام : «إن كانوا راقبوك فقد غشّوك ، وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا ، عليك غرّة ـ يعني عتق رقبة ـ» ، فرجع عمر والصحابة إلى قوله.
أخرجه (١) ابن الجوزي في سيرة عمر (ص ١١٧) ، وأبو عمر في العلم (ص ١٤٦) ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (٧ / ٣٠٠) نقلاً عن عبد الرزّاق ، والبيهقي ، وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج (١ / ٥٨).
قال الأميني : ما شأن هذا الخليفة لا يحمل في دين الله علماً ناجعاً يقيه عن هوايا (٢) الهلكة ، ويحميه عن سقطات القضاء؟ وما باله يعوّل في كلّ سهل ومشكل في طقوس الإسلام حتى في مهامّ الفروج والدماء على آراء أُناس غشّوه إن راقبوه ، وغاية جهد رأيهم الخطأ؟ وما يسعنا أن نقول وبين يدي الباحث هذه الأقضية؟
__________________
(١) سيرة عمر : ص ١٢٥ ، جامع بيان العلم : ص ٣٠٦ ح ١٥٣٧ ، كنز العمّال : ١٥ / ٨٤ ح ٤٠٢٠١ ، المصنّف : ٩ / ٤٥٨ ح ١٨٠١٠ ، السنن الكبرى : ٦ / ١٢٣ ، شرح نهج البلاغة : ١ / ١٧٤ خطبة ٣.
(٢) الهوايا : جمع هَوِيّة. وهي الحفرة بعيدة القعر.