الحدّ في الخمر ثمانين كما فعله غير واحد (١). نعم ، قال الحلبي في السيرة الحلبيّة (٢) (٢ / ٣١٤) : قوله : وكلّ سنّة أي طريقة ، فأربعون طريقته صلىاللهعليهوآلهوسلم وطريقة الصدّيق رضى الله عنه ، والثمانون طريقة عمر رضى الله عنه رآها اجتهاداً مع استشارته لبعض الصحابة في ذلك لما رآه من كثرة شرب الناس للخمر. وقال ابن القيّم في زاد المعاد (٣) (٢ / ١٩٥) : من تأمّل الأحاديث رآها تدلّ على أنّ الأربعين حدّ ، والأربعون الزائدة عليها تعزير ، اتّفق عليه الصحابة رضي الله عنهم.
وما عساني أن أقول في أُناس اتّخذوا تجاه سنّة رسول الله طريقة باجتهاد واستشارة؟ وهل تعزير بعد الحدّ حتى يتأتّى باتّفاق الصحابة عليه؟ وهل لهذه المزعمة معنىً معقول حتى يُتّخذ مذهباً؟ أنا لست أدري أيّ قيمة لتلك الطريقة في سوق الاعتبار وِجاه الطريقة المثلى (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلاً) (٤) ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (٥) ؛ وما أتى به النبيّ الأعظم أحقّ أن يتّبع ، (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) (٦).
وهناك كلماتٌ تافهة حول هذا الاجتهاد ؛ مثل قول القسطلاني (٧) : من أنّ الكلّ حدّ ، وعليه فحدّ الشارب مخصوص من بين سائر الحدود بأن يتحتّم بعضه ويتعلّق
__________________
(١) منهم : العسكري في أوليّاته [ص ١١١] ، وابن أبي الحديد في شرح النهج : ٣ / ١١٣ [١٢ / ٧٥ خطبة ٢٢٣] ، وابن كثير في تاريخه : ٧ / ١٣٢ [٧ / ١٥٠ حوادث سنة ٢٣ ه] ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : ص ٩٣ [ص ١٢٨] ، وعلاء الدين السكتواري في محاضرة الأوائل : ص ١٦٩ ، والقرماني في تاريخه ـ هامش الكامل : ١ / ٢٠٣ [أخبار الدول : ١ / ٢٨٩]. (المؤلف)
(٢) السيرة الحلبية : ٢ / ٢٨٥.
(٣) زاد المعاد : ٣ / ٢١١.
(٤) فاطر : ٤٣.
(٥) الفتح : ٢٣.
(٦) البقرة : ١٨١.
(٧) في إرشاد الساري : ٦ / ١٠٤ و ٩ / ٤٣٩ [١٤ / ٢١٥ و ٨ / ٢١٤]. (المؤلف)