وفي لفظ آخر :
إنّ الوليد بن عقبة صلّى بالناس الصبح أربعاً ثمّ التفت إليهم فقال : أزيدكم؟ فرفع ذلك إلى عثمان رضى الله عنه ـ إلى آخره ـ وفيه : ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أربعين وأبو بكر وعمر صدراً من خلافته أربعين ثمّ أتمّها عمر ثمانين ، وكلّ سنّة (١).
قال الأميني : ما قيمة عبد الرحمن وقيمة رأيه تجاه ما قام به المشرّع الأعظم؟ وما بال عمر جرى على ذلك المنهج ردحاً من أيّامه ثمّ نقضه وضرب عنه صفحاً؟ وما باله وهو خليفة المسلمين يستشير ويستفتي في حكم من أحكام الدين ثبت بسنّة ثابتة عن صاحب الشريعة؟ قال ابن رشد في بداية المجتهد (٢) (٢ / ٤٣٥) : إنّ أبا بكر رضى الله عنه شاور أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كم بلغ ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لشرّاب الخمر؟ فقدّروه بأربعين. ورُوي عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرب في الخمر بنعلين أربعين ، فجعل عمر مكان كل نعل سوطاً ، ورُوي من طريق آخر عن أبي سعيد الخدري ما هو أثبت من هذا ، وهو : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرب في الخمر أربعين ، ورُوي هذا عن عليّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من طريق أثبت ، وبه قال الشافعيّ. انتهى (٣).
وإنّ من الدخيل في الحديث ما عُزي إلى أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : «وكلّ سنّة وهذا أحبّ إليّ». فلو كانت الثمانون سنّة مشروعةً لعمل بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأقلّ مرّة واحدة أو قالها لأحد ، ولو كان قالها لما خفي على كلّ المسلمين ولاحتجّ به عبد الرحمن دون قوله : أخفّ الحدود ثمانون ، ولما عُدّ عمر أوّل من أقام
__________________
(١) السنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ٣١٩ ، نقلاً عن صحيح مسلم. (المؤلف)
(٢) بداية المجتهد : ٢ / ٤٣٩.
(٣) مختصر المزني : ص ٢٦٦.