فلمّا اجتمع الناس أخبرهم الخبر وأراهم الجواهر وقال : ما ترون في ذلك؟ فقالوا : إنّا نراها تستحقّ ذلك لأنّه هديّة جاءتها من امرأة لا جزية ولا خراج عليها ولا يتعلّق بها حكم من أحكام الرجال. فقال : لكن الزوجة زوجة أمير المؤمنين ، والرسول رسول أمير المؤمنين ، والراحلة التي ركبها للمؤمنين ، وما جاء ذلك كلّه لو لا المؤمنون ، فأرى أنّ ذلك لبيت مال المسلمين ، ونعطيها رأس مالها ، فباع الجواهر ودفع لزوجته ديناراً وجعل ما بقي في بيت مال المسلمين (١).
٢ ـ يُروى أنّ امرأة أبي عبيدة أرسلت إلى امرأة ملك الروم هديّة فكافأتها بجوهر ، فبلغ ذلك عمر فأخذه فباعه وأعطاها ثمن هديّتها وردّ باقيه إلى بيت مال المسلمين (٢).
قال الأميني : كلّ ما ذكره الخليفة ليس من المملك ولا من المخرجات من الملك ، أمّا كونها زوجة الخليفة فمن الدواعي لإهداء زوجة ملك الروم ، وأمّا وجود المؤمنين فهو من بواعث شوكة الخليفة التي من جهتها تكون زوجته معتنىً بها عند أزواج الملوك ، وكون الرسول رسول الخليفة لا يبيح ما ائتُمن عليه الرسول في إيصاله إلى صاحبه. ودابّة المؤمنين لا تستبيح ما حمله الراكب عليها.
نعم ؛ من الممكن إن كان له ثقل يعتدّ به أن يأخذ المؤمنون الأُجرة على حمله.
ولا أدري كيف فعل الخليفة ما فعل؟ وكيف استساغ المسلمون ذلك المال أخيراً بعد أن رأوا أنّها تستحقّه أوّلاً؟ ثمّ ما وجه إعطاء ثمن الهديّة في القضيّتين؟ فإن كان لحقّ لصاحبتيهما في الجوهر ، فهو لهما في كلّه ، وإلاّ فقد أقدمتاهما إلى إتلاف مالهما ، فلا وجه لإعطاء بدله من مال المسلمين.
__________________
(١) الفتوحات الإسلامية : ٢ / ٤١٣ [٢ / ٢٦٥]. (المؤلف)
(٢) الفتوحات الإسلامية : ٢ / ٤١٣ [٢ / ٢٦٥]. (المؤلف)