وعن عمرو بن الأزرق قال : توفّي بعض كنائن مروان ، فشهدها الناس وشهدها أبو هريرة ومعها نساء يبكين ، فأمرهنّ مروان بالسكوت ، فقال أبو هريرة : دعهنّ فإنّه مرّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جنازة معها بواكٍ فنهرهنّ عمر رحمهالله ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعهنّ فإنّ النفس مصابة ، والعين دامعة ، والعهد حديث». مسند أحمد (١) (٢ / ٣٣٣)
وقال أبو هريرة : أبصر عمر امرأةً تبكي على قبر فزبرها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعها يا أبا حفص فإنّ العين باكية ، والنفس مصابة ، والعهد قريب» (٢).
وينبئنا التاريخ عن أنّ الخليفة لم تُجدِه تلكم النصوص وبقي على اجتهاده والسوط بيده يردع به ويزجر مستنداً إلى ما اختلقته يد الإفك على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا يخالف العقل والعدل والطبيعة من أنّه قال : «إنّ الميّت يعذّب ببكاء الحيّ».
قال سعيد بن المسيّب : لمّا مات أبو بكر بُكي عليه ، فقال عمر : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ الميّت يعذّب ببكاء الحيّ». فأبوا إلاّ أن يبكوا ، فقال عمر لهشام بن الوليد : قم فأخرج النساء. فقالت عائشة : أُخرجك. فقال عمر : أدخل ، فقد أذنت لك. فدخل فقالت عائشة : أمخرجي أنت يا بنيّ؟ فقال : أمّا لك فقد أذنت لك. فجعل يخرجهنّ امرأة امرأة ، وهو يضربهنّ بالدرّة حتى خرجت أُمّ فروة وفرّق بينهنّ (٣).
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج (٤) (١ / ٦٠) : إنّ أوّل من ضرب عمر
__________________
(١) مسند أحمد : ٢ / ٦٣٧ ح ٨١٩٦.
(٢) أخرجه الطبري في تهذيبه كما في كنز العمّال : ٨ / ١١٧ [١٥ / ٧٢٨ ح ٤٢٨٩٩]. (المؤلف)
(٣) أخرجه ابن راهويه وصحّحه السيوطي ، راجع كنز العمّال : ٨ / ١١٩ [١٥ / ٧٣٢ ح ٤٢٩١١]. وذكره ابن حجر في الإصابة : ٣ / ٦٠٦. (المؤلف)
(٤) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٨١ خطبة ٣.