بالدرّة (١) أُمّ فروة بنت أبي قحافة ـ حين مات أبو بكر.
كيف صفحت عائشة عن قول النبيّ ـ إن صحّ به النبأ ـ ولم تقبله من الخليفة؟ ولما ذا سمح الخليفة لعائشة بإذن البكاء على أبيها دون غيرها ورفع اليد عن تعميم ذلك الحكم الباتّ؟ ولما ذا أبت الصحابة إلاّ أن يبكوا على أبي بكر بعد نهي الخليفة؟ ولما ذا رضوا بأن يعذّب فقيدهم ببكائهم؟ ولما ذا حكمت الدرّة في النساء امرأة امرأة بالضرب وعفت عن الرجال؟ إن هي إلاّ مشكلات غير أنّها لا تخفى على الباحث النابه.
ومن مواقف تلك الدرّة القاضية على الباكيات ما أخرجه الحافظ عبد الرزّاق (٢) عن عمرو بن دينار قال : لمّا مات خالد بن الوليد اجتمع في بيت ميمونة نساء يبكين فجاء عمر ... فكان يضربهنّ بالدرّة فسقط خمار امرأة منهنّ فقالوا : يا أمير المؤمنين خمارها. فقال : دعوها فلا حرمة لها. وكان يعجب من قوله : لا حرمة لها (٣).
ونحن أيضاً نتعجّب من قوله : لا حرمة لها. وسيرة الخليفة حقّا جلّها معجبات قولاً وفعلاً لو لم يكن كلّها.
وأماحديث عمر : إنّ الميّت يعذّب ببكاء الحيّ ؛ فقد كذّبته عائشة فيما أخرجه الحاكم في المستدرك (٤) (١ / ٣٨١) وقال : اتّفق الشيخان على إخراج حديث أيّوب السختياني عن عبد الله بن أبي مليكة مناظرة عبد الله بن عمر وعبد الله بن العبّاس في البكاء على الميّت ورجوعهما فيه إلى أُمّ المؤمنين عائشة وقولها : والله ما قال
__________________
(١) يعني أيّام خلافته ، وكم ضرب قبلها بالدرّة من أُناس. وأمّا بعدها فحدّث عنه ولا حرج. (المؤلف)
(٢) المصنّف : ٣ / ٥٥٧ ح ٦٦٨١.
(٣) كنز العمّال : ٨ / ١١٨ [١٥ / ٧٣٠ ح ٤٢٩٠٥]. (المؤلف)
(٤) المستدرك على الصحيحين : ١ / ٥٣٧ ح ١٤٠٧.