أقواماً جعلوا على أنفسهم فألزِم كلّ نفس ما لزم نفسه ، من قال لامرأته : أنت عليَّ حرام. فهي حرام ، ومن قال لامرأته : أنت بائنة. فهي بائنة ، ومن طلّق ثلاثاً فهي ثلاث.
كنز العمّال (١) (٥ / ١٦٣) نقلاً عن أبي نعيم.
قال الأميني : إنّ من العجب أن يكون استعجال الناس مسوّغاً لأن يتّخذ الإنسان كتاب الله وراءه ظهريّا ويلزمه بما رأوا ، هذا الذكر الحكيم يقول بكلّ صراحة : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) إلى قوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (٢). فقد أوجب سبحانه تحقيق المرّتين والتحريم بعد الثالث ، وذلك لا يجامع جمع التطليقات بكلمة ـ ثلاثاً ـ ولا بتكرار صيغة الطلاق ثلاثاً متعاقبة بلا تخلّل عقدة النكاح بينها.
أمّا الأوّل فلأنّه طلاق واحد وقول ـ ثلاثاً ـ لا يكرّره ، ألا ترى أنّ الوحدة المأخوذة في الفاتحة في ركعات الصلاة لا تُكرّر لو شفعها المصلّي بقوله : خمساً أو عشراً ، ولا يقال : إنّه كرّر السورة وقرأها غير مرّة.
وكذلك كلّ حكم اعتبر فيه العدد كرمي الجمرات السبع ، فلا يجزي عنه رمي الحصيات مرّة واحدة ، وكالشهادات الأربع في اللعان لا تجزي عنها شهادة واحدة مشفوعة بقوله ـ أربعاً.
وكفصول الأذان المأخوذة فيها التثنية لا يتأتّى التكرار فيها بقراءة واحدة وإردافها بقول ـ مرّتين.
وكتكبيرات صلاة العيدين الخمس أو السبع المتوالية ـ عند القوم ـ قبل
__________________
(١) كنز العمّال : ٩ / ٦٧٦ ح ٢٧٩٤٤.
(٢) البقرة : ٢٢٩ ـ ٢٣٠.