ثمّ يطلّقها حين تطهر من حيضتها الثالثة. كتاب الآثار (ص ١٢٩). ومراده كما يأتي تخلّل الرجوع بعد كلّ طلقة.
وقال الجصّاص في أحكام القرآن (١). (١ / ٤٤٧) : والدليل على أنّ المقصد في قوله : الطلاق مرّتان ، الأمر بتفريق الطلاق وبيان حكم ما يتعلّق بإيقاع ما دون الثلاث من الرجعة ، أنّه قال (٢) : الطلاق مرّتان. وذلك يقتضي التفريق لا محالة ، لأنّه لو طلّق اثنتين معاً لما جاز أن يقال طلّقها مرّتين ، وكذلك لو دفع رجل إلى آخر درهمين لم يجز أن يقال : أعطاه مرّتين حتى يفرّق الدفع فحينئذٍ يطلق عليه ، وإذا كان هذا هكذا فلو كان الحكم المقصود باللفظ هو ما تعلّق بالتطليقتين من بقاء الرجعة لأدّى ذلك إلى إسقاط فائدة ذكر المرّتين إذا كان هذا الحكم ثابتاً في المرّة الواحدة إذا طلّق اثنتين ، فثبت بذلك أنّ ذكر المرّتين إنّما هو أمر بإيقاعه مرّتين ، ونهي عن الجمع بينهما في مرّة واحدة ، ومن جهة أُخرى أنّه لو كان اللفظ محتملاً للأمرين لكان الواجب حمله على إثبات الحكم في إيجاب الفائدتين وهو الأمر بتفريق الطلاق متى أراد أن يطلّق اثنتين ، وبيان حكم الرجعة إذا طلّق كذلك ، فيكون اللفظ مستوعباً للمعنيين. انتهى.
هذا ما نطق به القرآن الكريم ، وليس الرأي تجاه كتاب الله إلاّ تلاعباً به كما نصّ عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صحيحة أخرجها النسائي في السنن (٣) ، عن محمود بن لبيد ، قال : أخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام غضبان ثمّ قال : «أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟» حتى قام رجل وقال : يا رسول الله ألا أقتله؟
__________________
(١) أحكام القرآن : ١ / ٣٧٨.
(٢) المصدر المؤوّل خبر لقوله المتقدم : والدليل على ....
(٣) السنن الكبرى : ٦ / ١٤٢ [٣ / ٣٤٩ ح ٥٥٩٤] ، وذكر في تيسير الوصول : ٣ / ١٦٠ [٣ / ١٨٥ ح ٤] ، تفسير ابن كثير : ١ / ٢٧٧ ، إرشاد الساري : ٨ / ١٢٨ [١٢ / ١٨] ، الدرّ المنثور : ١ / ٢٨٣ [١ / ٦٧٦]. (المؤلف)