الشمس ـ فرأى أبو سعيد ابن الزبير يصلّيها. قال : فنهيته فأخذ بيدي فذهبنا إلى عائشة ، فقال لها : يا أُمّ المؤمنين إنّ هذا ينهاني ... فقالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلّيها.
واقتفت أثره صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها الصحابة والتابعون طيلة حياته وبعدها ، وممّن رُوي عنه الرخصة في التطوّع بعد العصر : الإمام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، الزبير ، ابن الزبير ، تميم الداري ، النعمان بن بشير ، أبو أيّوب الأنصاري ، عائشة أُمّ المؤمنين ، الأسود بن يزيد ، عمرو بن ميمون ، عبد الله بن مسعود وأصحابه ، بلال ، أبو الدرداء ، ابن عبّاس ، مسروق ، شريح ، عبد الله بن أبي الهذيل ، أبو بردة ، عبد الرحمن بن الأسود ، عبد الرحمن ابن البيلماني ، الأحنف بن قيس (١) وكانوا على هذا ، حتى تقيّض صاحب الدرّة وليس عنده ما يتعلّل به على النهي عنها والزجر عليها سوى خيفة أن يأتي قوم فيواصلوا بين العصر والمغرب بالصلاة.
ألا من مسائل إيّاه عن علّة كراهته ذلك الوصال وليس له من الشريعة أيّ وازع عنه؟ وهب أنّه ارتأى كراهة ذلك الوصال ، فما باله ينهى عن الركعتين وليستا مالئتين للفراغ بين الوقتين العصر والمغرب؟ وعلى فرضه كان الواجب أن ينهى عن الصلاة في أوّل وقت المغرب غير الفريضة التي رأى كراهتها هو ، ولكن أيّ قيمة لرأيه وقد صلّوها على العهد النبويّ بمرأى من صاحب الرسالة ومشهد فلم ينههم عنها (٢)؟
ثمّ الذي خافه عمر من أن يأتي قوم يصلون بين الوقتين بالصلاة هل عزب علمه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فشرّع لهم تينك الركعتين بعد العصر؟ أو أنّه علم ذلك ولم يكترث له؟ أم كانت بصيرة الخليفة في الأُمور أقوى من بصيرة النبيِّ الأعظم؟
__________________
(١) طرح التثريب في شرح التقريب للحافظ العراقي : ٢ / ١٨٦. (المؤلف)
(٢) كما في صحيح مسلم ١ / ٣١٠ [٢ / ٢٤٧ ح ٣٠٢ كتاب صلاة المسافرين] ، ومسند أبي داود : ص ٢٧٠ [ح ٢٠٢١] وغيرهما. (المؤلف)