لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) (١) ، وقوله : (قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) (٢) ، وقوله : (يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا) (٣) ، وقوله : (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٤) ، (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) (٥) ومنهم من قال : بلى. إذا خوطب بقول العليِّ العظيم : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) (٦) ، ومنهم من قال : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (٧).
ومن جليّة الواضحات عدم الفرق بين قول القائل : آمنّا بكذا ، أو : نحن مؤمنون ، أو : أنا مؤمن بكذا ، إذا وثق من نفسه بإيمان ، ومن فرّق بينهما فهو مجازف لا محالة.
ولعلّ الخليفة كان ناظراً إلى حراجة الموقف في الإيمان ، وعزّة خلوصه من خفيّات صفات الشرك والنفاق حتى كان يسأل حذيفة عن نفسه ، قال الغزالي في إحياء العلوم (٨) (١ / ١٢٩) : الأخبار والآثار تعرّفك خطر الأمر بسبب دقائق النفاق والشرك الخفيّ وأنّه لا يؤمن منه ، حتى كان عمر بن الخطّاب رضى الله عنه يسأل حذيفة عن نفسه وأنّه هل ذكر في المنافقين؟ وهل هو منهم؟ وهل عدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم (٩)؟
وكان حذيفة صاحب السرِّ المكنون في تمييز المنافقين ، ولذلك كان عمر
__________________
(١) آل عمران : ١٩٣.
(٢) المائدة : ١١١.
(٣) المائدة : ٨٣.
(٤) الأعراف : ١٢١.
(٥) آل عمران : ٧.
(٦) البقرة : ٢٦٠.
(٧) الأعراف : ١٤٣.
(٨) إحياء علوم الدين : ١ / ١١٤.
(٩) وذكره الباقلانيّ في التمهيد : ص ١٩٦ ، وابن أبي جمرة في بهجة النفوس : ٤ / ٤٨. (المؤلف)