يمنع عن البدع رأي غير مدعوم بشاهد ، واجتهاد تجاه السنّة والعمل.
ومن الواضح الجليّ بعد تلاوة ما وقع من المفاوضة بين الخليفة والصحابة أنّه لم يكن هناك نسخ وإنّما ذكر كلّ منهم ما شاهده على العهد النبوي ، فدعوى النسخ وتأخّر التكبير بالأربع عن هاتيك الأعداد زور من القول ، ولذلك لم يحتجّ به أحد ممّن يُعبأ بحجاجه ، وإنّما حصروا الدليل على تعيين عمر ومنعه بعد تزييف ما قيل من دليل المنع كما سمعت من ابن حزم ، وهو كما ترى رأي يخصّ بقائله لا يقاوم السنة الثابتة ، وهي لا تُتْرك بقول الرجال.
ويوهن ذلك الجمع والمنع صفح الصحابة عنهما ، أخرج أحمد في مسنده (١) (٤ / ٣٧٠) عن عبد الأعلى ، قال : صلّيت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبّر خمساً ، فقام إليه أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذ بيده فقال : نسيت؟ قال : لا ولكن صلّيت خلف أبي القاسم خليلي صلىاللهعليهوآلهوسلم فكبّر خمساً ، فلا أتركها أبداً.
وروى البغوي من طريق أيوب بن النعمان ، أنّه قال : شهدت جنازة سعد بن حبتة (٢) فكبّر عليه زيد بن أرقم خمساً. الإصابة (٢ / ٢٢).
وأخرج الطحاوي ، عن يحيى بن عبد الله التيمي ، قال : صلّيت مع عيسى مولى حذيفة بن اليمان على جنازة فكبّر عليها خمساً ، ثمّ التفت إلينا فقال : ما وهمت ولا نسيت ولكنّي كبّرت كما كبّر مولاي ووليّ نعمتي ـ يعني حذيفة بن اليمان ـ صلّى على جنازة فكبّر عليها خمساً ثمّ التفت إلينا فقال : ما وهمت ولا نسيت ولكنّي كبّرت كما كبّر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. عمدة القاري (٣) (٤ / ١٢٩).
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٤٩٨ ح ١٨٨١٣.
(٢) هو سعد بن بجير البجلي ، وحبتة اسم أُمّه.
(٣) عمدة القاري : ٨ / ١١٦.