صورة أخرى :
أخرج ابن سعد (١) ، عن سالم أبي النضر رضى الله عنه قال : لمّا كثر المسلمون في عهد عمر رضى الله عنه ضاق بهم المسجد ، فاشترى عمر ما حول المسجد من الدور إلاّ دار العبّاس ابن عبد المطّلب وحُجَر أُمّهات المؤمنين ، فقال عمر رضى الله عنه للعبّاس : يا أبا الفضل ، إنّ مسجد المسلمين قد ضاق بهم وقد ابتعت ما حوله من المنازل نوسّع به على المسلمين في مسجدهم إلاّ دارك وحُجَر أمّهات المؤمنين ، فأمّا حجرات أُمّهات المؤمنين فلا سبيل إليها ، وأمّا دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين أوسّع بها في مسجدهم. فقال العبّاس رضى الله عنه : ما كنت لأفعل. فقال عمر رضى الله عنه : اختر منّي إحدى ثلاث : إمّا أن تبيعنيها بما شئت من مال المسلمين ، وإمّا أن أحطّك حيث شئت من المدينة وأبنيها لك من بيت مال المسلمين ، وإمّا أن تصّدّق بها على المسلمين فيوسّع بها في مسجدهم. فقال : لا ، ولا واحدة منها. فقال عمر رضى الله عنه : اجعل بيني وبينك من شئت. فقال : أُبيّ بن كعب رضى الله عنه. فانطلقا إلى أُبيّ فقصّا عليه القصّة ، فقال أُبيّ رضى الله عنه : إن شئتما حدّثتكما بحديث سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقالا : حدّثنا. فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إنّ الله أوحى إلى داود : ابن لي بيتاً أُذكر فيه ، فخطّ له هذه الخطّة خطّة بيت المقدس فإذا بربعها زاوية بيت رجل من بني إسرائيل فسأله داود أن يبيعه إيّاه فأبى ، فحدّث داود نفسه أن يأخذه منه فأوحى الله إليه أن يا داود أمرتك أن تبني لي بيتاً أُذكر فيه فأردت أن تدخل في بيتي الغصب وليس من شأني الغصب وإنّ عقوبتك أن لا تبنيه. قال : يا ربّ فمن ولدي؟ قال : من ولدك». قال : فأخذ عمر رضى الله عنه بمجامع ثياب أُبيّ بن كعب وقال : جئتك بشيء فجئت بما هو أشدّ منه لتخرجنّ ممّا قلت. فجاء يقوده حتى أدخله المسجد فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم أبو ذرّ رضى الله عنه ، فقال
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ٤ / ٢١.