به من الغد ومعه لحم ، فقال : ما هذا؟ قال : لحمة أهلي. قال : حسن ، ثمّ مرّ به اليوم الثالث ومعه لحم ، فقال : ما هذا؟ قال : لحمة أهلي يا أمير المؤمنين ، فعلا رأسه بالدرّة ثمّ صعد المنبر فقال : إيّاكم والأحمرين : اللحم والنبيذ فإنّهما مفسدة للدين متلفة للمال (١).
قال الأميني : هذا فقه عجيب لا نعرف مغزاه (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (٢) ، ولا يجتمع مع ما جاء عن النبيّ الأعظم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سيّد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم ، وسيّد الشراب في الدنيا والآخرة الماء» (٣).
وما جاء في صحيحة عن ابن عبّاس من أنّ رجلاً أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله إنّي إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي فحرّمت عليّ اللحم. فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً) (٤).
وعلى تقدير الكراهة في إدمان أكل اللحم فهل أكله يومين متواليين أو ثلاثة متوالية من الإدمان؟ وهل يستتبع ذلك التعزير بالدرّة؟ وهل يبلغ مفسدته مفسدة النبيذ المحرّم فكان لدته مفسدة للدين ومتلفة للمال؟ ولو أخذ بهذا الرأي في أجيال المسلمين لوجب أن لا تهدأ الدرّة في حال من الأحوال.
__________________
(١) سيرة عمر لابن الجوزي : ص ٦٨ [ص ٧٣] ، كنز العمّال : ٣ / ١١١ [٥ / ٥٢٢ ح ١٣٧٩٧] نقلاً عن أبي نعيم ، الفتوحات الإسلامية : ٢ / ٤٢٤ [٢ / ٢٧٣]. (المؤلف)
(٢) الأعراف : ٣٢.
(٣) مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي : ٥ / ٣٥. (المؤلف)
(٤)] المائدة : ٨٧ ـ ٨٨] ، صحيح الترمذي : ٢ / ١٧٦ [٥ / ٢٣٨ ح ٣٠٥٤] ، تفسير ابن كثير : ٢ / ٨٧ ، الدرّ المنثور : ٢ / ٣٠٧ [٣ / ١٣٩]. (المؤلف)