نفسه فقاسمه أبو عبيدة ماله حتى أخذ إحدى نعليه وترك له الأخرى ، وخالد يقول : سمعاً وطاعة لأمير المؤمنين.
بلغ عمر أنّ خالداً أعطى الأشعث بن قيس عشرة آلاف وقد قصده ابتغاء إحسانه ، فأرسل لأبي عبيدة أن يصعد المنبر ويوقف خالداً بين يديه وينزع عمامته وقلنسوته ويقيّده بعمامته ، لأنّ العشرة آلاف إن كان دفعها من ماله فهو سرف ، وإن كان من مال المسلمين فهي خيانة ، فلمّا قدم خالد رضى الله عنه على عمر رضى الله عنه قال له : من أين هذا اليسار الذي تجيز منه بعشرة آلاف؟ فقال : من الأنفال والسُّهمان. قال : ما زاد على التسعين ألفاً فهو لك ، ثمّ قوّم أمواله وعروضه وأخذ منه عشرين ألفاً ، ثمّ قال له : والله إنّك عليّ لكريم ، وإنّك لحبيب ولم تعمل لي بعد اليوم على شيء. وكتب رضى الله عنه إلى الأمصار : إنّي لم أعزل خالداً عن مبخلة (١) ولا خيانة ، ولكنّ الناس فُتِنوا به فأحببت أن يعلموا أنّ الله هو الصانع.
قال الحلبي في السيرة (٢) (٣ / ٢٢٠) : وأصل العداوة بين خالد وسيّدنا عمر رضى الله عنهما على ما حكاه الشعبي : أنّهما وهما غلامان تصارعا ، وكان خالد ابن خال عمر فكسر ساق عمر فعولجت وجبرت ، ولمّا ولي سيّدنا عمر رضي الله تعالى عنه الخلافة أوّل شيء بدأ به عزل خالد ، وقال : لا يلي لي عملاً أبداً ، ومن ثمّ أرسل إلى أبي عبيدة : إن أكذب خالد ... إلخ. وذكره ابن كثير في تاريخه (٧ / ١١٥) (٣).
وأخرج الطبري في تاريخه (٤) عن سليمان بن يسار ، قال : كان عمر كلّما مرّ بخالد قال : يا خالد أخرج مال الله من تحت استك. فيقول : والله ما عندي من مال ،
__________________
(١) في تاريخ الطبري [٤ / ٦٨ حوادث سنة ١٧ ه] : عن سخطة. (المؤلف)
(٢) السيرة الحلبية : ٣ / ١٩٨.
(٣) البداية والنهاية : ٧ / ١٣١ حوادث سنة ٢١ ه.
(٤) تاريخ الأُمم والملوك : ٣ / ٤٣٧ حوادث سنة ١٣ ه.