فوق رأسه حزمة من الحطب ، وعلى ابنه مثلها ، وما منهما إلاّ في نمرة لا تبلغ رسغيه ، والله ما كان العاصي بن وائل يرضى أن يلبس الديباج مزرّراً بالذهب. قال له محمد : أُسكت والله عمر خير منك ، وأمّا أبوك وأبوه ففي النار ، والله لو لا الزمان الذي سبقته فيه لا ألفيت معقل شاة يسرّك غزرها ويسرّك بكرها (١). فقال عمرو : هي عندك بأمانة الله ، فلم يخبر بها عمر.
٥ ـ زار أبو سفيان معاوية ، فلمّا رجع من عنده دخل على عمر ، فقال : أجزنا أبا سفيان قال : ما أصبنا شيئاً فنجيزك به. فأخذ عمر خاتمه فبعث به إلى هند وقال للرسول : قل لها يقول لك أبو سفيان انظري الخرجين اللذين جئت بهما فأحضريهما ، فما لبث عمر أن أُتي بخرجين فيهما عشرة آلاف درهم فطرحهما عمر في بيت المال ، فلمّا ولي عثمان ردّهما عليه ، فقال أبو سفيان : ما كنت لآخذ مالاً عابه عليّ عمر.
٦ ـ لمّا ولّى عمر بن الخطّاب عتبة بن أبي سفيان الطائف وصدقاتها ثمّ عزله ، تلقّاه في بعض الطريق فوجد معه ثلاثين ألفاً فقال : أنّى لك هذا؟ قال : والله ما هو لك ولا للمسلمين ولكنّه مال خرجت به لضيعة أشتريها. فقال عمر : عاملنا وجدنا معه مالاً ما سبيله إلاّ بيت المال ، ورفعه ، فلمّا ولي عثمان قال لأبي سفيان : هل لك في هذا المال؟ فإنّي لم أرَ لأخذ ابن الخطّاب فيه وجهاً ، قال : والله إنّ بنا إليه حاجة ، ولكن لا تردّ فعل من قبلك فيردّ عليك من بعدك.
٧ ـ مرّ عمر يوماً ببنّاء يبني بحجارة وجصّ ، فقال : لمن هذا؟ فقالوا : لعامل من عمّالك بالبحرين ، فقاسمه ماله وكان يقول : لي على كلّ خائن أمينان : الماء والطين.
٨ ـ أرسل عمر إلى أبي عبيدة : إن أكذب خالد نفسه فهو أمير على ما كان عليه ، وإن لم يكذب نفسه فهو معزول ، فانتزع عمامته وقاسمه نصفين. فلم يكذب
__________________
(١) في الطبعة المعتمدة لدينا من العقد الفريد : ويسوؤك بكؤها (أي قلّة إدرارها).